وإذا سمّيناه حقًا للآدمي: قلنا: إنّه تَبَيَّنَ بذلك بالاستدامةِ والاستِيفَاءِ، فجاز تَسْمِيَتُه بالوجهين.
المسألةُ الثّالثةُ (١):
اختلفَ قول العلماء في الصّداق الفاسد على ثلاثة أقوالٍ:
الأوَّل: أنّه يمضي بنَفْسِ العَقْدِ.
والثّاني: أنّه يُفسخُ قبل الدُّخولِ.
والثالثُ: أنّه يُفْسَخُ قبلَ الدُّخولِ وبعدَهُ.
واختلفَ النَّاسُ في تأويلِ هذه الأقوال:
فمنهم من جعلها مُطلَقَةً.
ومنهم من قال: إنّها مبنيَّةٌ على قُوَّةِ الفساد وضعْفِهِ.
وسيأتي تفصيلُ ذلك في مَوْضِعِه إنْ شاءَ الله.
المسألةُ الرّابعةُ (٢):
اختلفَ العلّماءُ رحمهم الله -بعدَ الاتِّفاقِ على وُجُوبه- في تقدِيرِه، على ثلاثةِ أقوالٍ:
فمنهم من نَفَى التَّقديرَ، وجوَّزَهُ بكلِّ قليلٍ وكثيرٍ -وهو الشّافعيّ (٣) - وروى في ذلك أحاديثَ ليس لها أصلٌ في الصِّحَةِ، من جُمْلَتِها: "الصّدَاقُ وَمَا تَرَاضَي عَلَيهِ الأَهْلُونَ" (٤).
(١) انظرها في القبس: ٢/ ٦٩١.
(٢) انظرها في القبس: ٢/ ٦٩١ - ٦٩٢.
(٣) في الأم: ٥/ ٦٣.
(٤) أخرجه الدارقطني: ٣/ ٢٤٤، والبيهقي: ٧/ ٢٣٩ كلاهما من حديث ابن عبّاس، بلفظ: "أنكحوا الأيامى ثلاثًا، قيل: ما العلّائق بينهم يا رسول الله؟ قال: ما تراضى عليها الأهلون؟ "قال ابن الجوزي في التحقبق: ٢/ ٢٨١ "فيه محمَّد بن عبد الرّحمن، قال يحيى: ليى بشيء، وقال ابن حبّان: حدّث عن أبيه بنسخة شبيها بمئتي حديث كلها موضوعة. وقال أبو حاتم الرازي: هو منكر وأبوه لين".
وأخرج الدارقطني: ٣/ ٢٤٢، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ: ٥٠٩، والبيهقي: ٧/ ٢٣٩ من حديث أبي سعيد الخدري قال: سألنا رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - عن صداق النِّساء، فقال: ما اصطلح عليه أهلوهم.