وقال الشّافعيّ (١): إنَّ للبِكر سَبْعًا، وللثَّيِّبِ ثلاثة، بنَصِّ هذا الحديث، ثمّ رجع عنه فقال: للبِكرِ سَبعٌ وللثَّيَّب سَبْعٌ، وهو مذهبُهُ.
وأخذ مالك بحديثِ أنس أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "لِلبِكْرِ سَبْعٌ، وَللثَّيِّبِ ثلاثٌ" (٢).
وحديثُ أمِّ سَلَمَةَ أصحّ لأنّه مُسنَدٌ، وحديثُ أَنَس موقوفٌ، لكن يُقَوِّي مالك حديث أنس بعمل أهلِ المدينةِ (٣).
ويعترضُ الشّافعيُّ بأنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ فَخيرٌ" وكيف يصحُّ لها الخِيَار، وللزَّوجةِ الأُخرى أنّ تقول: هذا يومي، فلا أترُكُهُ، فلعلِّي لا أدركه.
فإن كان له زوجاتٌ، كان رجوعُهُ بعدَ خُرُوجِهِ من عُرْسِهِ إلى الّتي وجبت لها اللّيلة قبلُ.
الفقه في خمس مسائل:
المسألةُ الأولى (٤):
اختلفَ أصحابُنا في ذلك (٥)، هل هو حقٌّ للزّوجِ أو للزّوجةِ؟
فقال عبد الوهّاب (٦): "في ذَلِكَ رِوايَتَان" قال: "وفائدةُ الخلافِ: أنّه إذا كان حقًا له جاز فعلُه وتَرْكُه، وإذا كان حقًّا لها لم يكن له تركُهُ إِلَّا بإذنها".
توجيهٌ:
فوجهُ القولِ الأوَّلِ: قولُه: "لَيْسَ بِك عَلَى أَهْلِكَ هَوَانٌ" فأخبر أنّ ذلك على وجهِ الإكرام، ولو كان ذلك من حقوقها لقال: ليْسَ لنَا مَنْع حقّك.
ووجه القول الثّاني (٧): قولُه في حديث أنس: "لِلبِكْرِ سَبْعٌ، وَلِلثَّيِّبِ ثَلاثٌ" وقد
(١) في الأم: ٥/ ٢٠٦.
(٢) أخرجه مالك في الموطَّأ (١٥١٢) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٤٧٥)، وسويد (٣١٧)، والشّافعيّ في الأم: ٥/ ٢٠٦، والقعنبي عند الطحاوي في شرح معاني الآثار: ٣/ ٢٨.
(٣) قال مالك في الموطَّأ: ٢/ ٣٥ عقب الحديث: "وذلك الأمر عندنا".
(٤) هذه المسألة مع توجيهيها وفرعيها مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢٩٤.
(٥) أي في كون السبع الليالي حقًا للطارئة على الزّوج أو حقًّا له على سائر أزواجه.
(٦) في المعونة: ٢/ ٨١٧.
(٧) الّذي يقول أصحابه بأنّه من حقوق الزّوجة.