الحديثِ؛ فقال مالك هكذا، وتَابَعَهُ عليه عبيد الله بن عمر (١).
ورَوَى مُوسَى بن عُقْبَة، عن نَافِع، عن ابنِ عمر، عن النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "أَجِيبُوا إِذَا دُعِيتُم" (٢). ورُيَ عن ابنِ عمر أيضًا: "إِذاَ دَعَا أَحَدكُمْ أَخَاهُ فَليُجِبْ عُرْسًا كانَ أَوْ غَيْرهُ" (٣)، وتابَعَهُ على ذلك الزّبيدي (٤).
واختلفَ العلّماءُ في حُكمِ ذلك:
فقال ابنُ القاسِم عن مالك في "المدنية": إنّما هذا في طَعامِ العُرْسِ، وليس طعامُ الإِمْلَاكِ مثله (٥)، وبهذا قال أبو حنيفة (٦).
وقال الشّافعيّ (٧): إجابةُ وليمة العُرّسِ لَازِمةٌ، ولا أُرَخَّصُ في تركِ غيرهَا من الدَّعَوَاتِ (٨) إِلَّا من عُذْرٍ، وَمَنْ تركَهَا لَمْ يُقَل إنّه عاصٍ.
قال الإمامُ: وهذا خلافٌ في عبارة، ووجهُ وجوبِهَا: الأمر بذلك، والأمرُ يقتضي الوجوب، هذا هو المشهورُ منْ مذهبِ مالكٍ وأصحابِهِ.
ورَوَى ابنُ حبيب عن مالك أنّهَ قال: ليس ذلك عليه حَتْمًا (٩)، فإنِ اشتغلَ فلا إِثمَ عليه، فجعلَهُ على النَّدْبِ.
(١) أخرجه ابن ماجه (١٩١٤).
(٢) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٤/ ١١٢.
(٣) أخرجه مسلم (١٤٢٩).
(٤) أخرجه أبو داود (٣٧٣٩ ع)، والبيهقي: ٧/ ٢٦٢.
(٥) قال أبو الوليد الباجي معلِّقًا على هذه الأقوال: "والّذي عندي أنّ الإملاك حين العَقدِ وأنّ العُرْسَ حين البناء، وهذا الّذي يلزم إتيانُهُ لما في الوليمة من إشهاره".
(٦) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٢٩٢.
(٧) انظر الحاوي: ٩/ ٥٥٥ - ٥٥٦.
(٨) وذلك كالدّعوات الّتي لا يقع عليها اسم وليمة، كالإملاك والنّفاس والختان وحادث سرور.
(٩) تتمّة الكلام كما في المنتقى: " ... وليس بفريضة، وأحبّ إليّ أن يأتي ... ".