بابُ الظَّهارِ
قال الإمام (١): الأصلُ في هذا الباب: الكتابُ والسُّنَّةُ، وهو مأخوذٌ من الظَّهْرِ، وقد كانتِ الجاهليةُ تقولُ: أنتِ كظهرِ أُمِّي، (٢) وإنّما اختصَّ الظَّهرُ بالتَّحريم في الظِّهارِ دون سائر الأعضاء وإن كانت أَوْلَى بالتّحريم منه؛ لأنّ الظَّهر موضع الرُّكوب، والمرأة مركوبةٌ عند الغِشيَانِ، فإذا قال الرّجلُ لامرأته: أنت عليَّ كظهر أُمِّي، فإّنما أرادَ أنّ ركوبَها للنِّكاح عليه حرامٌ، كَرُكُوب أمِّه للغِشيَانِ، فأقام الرُّكوبَ مقامَ النِّكاحِ؛ لأنّ النّاكحَ راكبٌ، وأقام الظَّهرَ مقامَ الرُّكوبِ؛ لأنّه موضع الرُّكوب، وهذا من لطيف الاستعارة للكناية.
وله (٣) في الشّرع ألفاظٌ وأحكام تختصُّ به.
الفقه في خمس وعشرين مسألة:
الأولى:
قال علماؤنا: الظهارُ مُحَرَّمٌ لثلاثةِ أدلَّةٍ:
أحدها: قولُه تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} الآية (٤).
الثّاني: قولُه: {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} (٥) والمغفرةُ لا تكونُ إِلَّا في ارْتِكَابِ الذَّنبِ.
الثالثُ: أنّه كَذِبٌ؛ لأنّه شَبَّهَ فيه فَرْجًا محلَّلًا بِفَرْجٍ مُحرَّمٍ، والكذِبُ حَرَامٌ (٦).
المسألةُ الثّانيةُ (٧):
الظَّهارُ تشبيه ظَهْرٍ مُحَلَّلٍ بِظَهْرٍ مُحَرَّمٍ، على وجهِ الإيقاع لا على وجه الإخبار، على طريقِ التَّعريفِ لا على طريقِ التّحقيقِ.
(١) هذه الفقرة نقلها ابن الزهراء في الممهّد: الورقة ١٠٠ - ١٠١.
(٢) من هنا إلى قوله: "من لطف الاستعارة للكناية" مقتبسٌ من المقدَّمات الممهدَّات: ١/ ٥٩٩.
(٣) هذه الجملة مقتبسة من المنتقى: ٤/ ٣٧.
(٤) المجادلة: ٢.
(٥) المجادلة: ٢.
(٦) انظر المعونة: ٢/ ٨٨٨.
(٧) انظر أحكام القرآن: ٤/ ١٧٤٨.