لكلَّ امرأةٍ تزوَّجها بعد أنّ مَلَكَ عِصمَتَها: أنتِ طالقٌ.
ودليلنا: هذا بعينه، غير أنّنا نقول فيه: يلزمُه إذا خصَّ، ويسقط إذا عمَّ.
فإن أَلزَمْنَاهُ العمومَ كان اعتداءً وبَغيًا؛ لأنّه حَرَّمَ على نفسه جميعَ ما أباحَهُ الله تعالى له. والله تعالى يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ}: الآية (١)، فجعلَهُ اعتداءً وإثما.
المسألةُ التّاسعةُ:
لا تجبُ الكفّارةُ في الظِّهارِ بنفس القول، حتَّى ينوي العودَ، خلافًا لمجاهد، لقوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٢).
المسألةُ العاشرةُ:
العَودُ ما هو في هذه المسألة؟ وفيه خلافٌ كثيرٌ:
قيل: إنّه العَزمُ على الإمساك.
وقيل: إنّه الوَطءُ نفسه (٣).
وقال الشّافعيّ (٤): هو أنّ يمكنه أنّ يُطَلَّق فلا يُطلِّق.
ودليلُنا على بطلانه: قولُه تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} الآية (٥)، و"ثمّ" للتَّرَاخِي.
ووجهُ القولِ أنّه العَزْم على الإمساك: أنّ الظِّهَارَ هو العَزْم على ترك الوَطْءِ، فضدّه هو العزم على الإمساك.
ووجه القول بأنّه الوَطْءُ: أنّ المخالَفَةَ للقَوْلِ الأوَّلِ إنّما تحقّقُ بِفِعْلِهِ.
(١) المائدة: ٨٧.
(٢) المجادلة: ٣، وانظر أحكام القرآن: ٤/ ١٧٥٢.
(٣) رواه الصنعاني في تفسيره: ٣/ ٢٧٨ عن طاووس.
(٤) في الأم: ٣/ ٢٩٦.
(٥) المجادلة: ٣.