للحدِّ، فإن عَرَّضَ ولم يُصَرِّح:
فقال مالك: هو قَذْفٌ (١).
وقال الشّافعي (٢) وأبو حنيفة (٣): ليس بِقَذْفٍ.
ومالك أسَدُّ طريقةً فيه؛ لأنّ التّعريض قولٌ يُفهَمُ منه القَذْف، فوجبَ أنّ يكون قَذْفًا كالتَّصريح، والمُعَوِّل على الفهم، وقد قال تعالى مُخبرًا عن قوم شعيب: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} (٤).
وقال في أبي جهل: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} (٥).
فإن قال له: يا مَنْ وَطِىءَ بين الفَخِذَين.
قال ابنُ القاسم (٦): فيه الحدُّ؛ لأنّه تعريضٌ.
وقال أشهبُ: لا حدَّ فيه؛ لأنّه نَسَبَهُ إلى فعلٍ لا يُعَدُّ زِنَّى إجماعًا.
وقولُ ابنُ القاسم أصْوَبُ من جهة التعريض.
وإذا رَمَى صَبيَّةَ يمكنُ وطؤُها بالزِّنا، كان قَذفًا عند مالك. وقال أبو حنيفة والشّافعيّ: ليس بقَذفٍ؛ لأنّه ليس بزنا؛ إذ لا حدَّ عليها.
وَعَوَّلَ مالك على أنّه تعيير تامٌّ، بوطءٍ كامل، فكان قَذفًا، والمسألةُ محتمِلَةٌ مشكلةٌ جدًا.
فصل (٧)
اختلفَ العلّماءُ فيمن قذَفَ زوجه بشخص بعينه، هل يحدَّ أم لا؟ فإن ... فعند مالك أنّه يحدُّ الرَّجُل؛ لأنّ الأصل الثّابت الحدّ على القَذفِ، وأمّا الزّاني بها فلا ضرورة
(١) قاله فى المدوّنة: ٤/ ٣٩١ في التّعريض بالقذف.
(٢) في الأم: ١١/ ٣٣٩ (ط. قتيبة).
(٣) انظر: مختصر الطحاوي: ٢١٥، والمبسوط: ٧/ ٣٩.
(٤) هود: ٨٧.
(٥) الدخان: ٤٩.
(٦) في المدوّنة: ٤/ ٣٩٦ فيمن قال جامعتَ فلانة في دُبُرِهَا أو بين فَخِذَيها.
(٧) الظّاهر أنّ هذا الفصل هو المسألة السّابعة.