كانت الأقراء الحيض- كلما قال أهل العراق- لكان المطَّلقُ في الطُّهْرِ مطلَّقاٌ لغير العِدَّةِ.
ومن جهة المعنى: أنَّ الْقُرْءَ مأخوذٌ من قَرَيتُ الماءَ في الحَوْضِ، أي جمعتُه فيه، والرَّحِمُ يجمعُ الدَّمَ في مدَّةِ الطُّهْرِ، ثمَّ يرخيه في مُدَّة الحَيْضِ.
وموضعُ الخلافِ إنّما هو: هل تحلُ المرأةُ بدخولها في الدَّمِ الثالثِ؟ أو بإنقضاء آخره؟ فمن قال: إنَّ الأقراء هي الأطهار، يقول: إنَّها تحلُّ بدخولها في الدِّم، ومن قال: إنَّها الحيض، يقول: إنّها لا تحلُّ حتّى تتمّ الحيضة.
المسألة الرّابعة (١):
وقد رَوَى يحيى بن يحيى في تفسير قراءة ابن عمر: "فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتهِنَّ " قال يحيى بن يحيى: قال مالك: يريدُ أنَّ يطلِّقَهَا في كلّ طُهْرٍ مَرَّةُ. قال أبو محمّد الأصيلي: لم يَرْوِ هذا التّفسير عن مالك إلّا يحيى بن يحيى.
المسألة الخامسة (٢):
قوله (٣): "أنّ ابنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وهيَ حَائِضٌ" يحتملُ أنَّ يثبت ذلك بإقرارها، أو بِبَيِّنَةٍ من النِّساءِ.
فإن أَقَرَّتْ أنَّها حائضٌ، وأنكر ذلك الزَّوج، قال ابن سحنون عن أبيه: هي مُصَدَّقَةٌ في ذلك، وكذلك تُصَدَّق أيضًا المتوفَّى عنها زوجُها في العِدَّةِ، ولا يُكْشَفُ على الحائض، ولا يَنْظُر إليها النِّساء، وُيُجْبَر على الرَّجْعَةِ.
ووَجْهُهُ: أنَّ هذا حكمٌ من الأحكامِ في الحيضِ، فكانت مُصَدَّقَة فيه مثل انْقِضَاء العدَّة.
(١) هذه المسألة مقتبسة من تفسير الموطَّأ للبوني: ٨٨/ ب.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٤/ ٩٥.
(٣) في حديث الموطَّأ (١٦٨٣) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٦٥٥)، وسويد (٣٦١)، والقعنبي عند الجوهري (٦٨١)، وابن وهب عند عبد الرزّاق (١٠٩٥٢)، وابن مهدي عند أحمد: ٢/ ٦٣، وابن أبي أويس عند البخاريّ (٥٢٥١)، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم (١٤٧١)، وخالد بن خالد عند الدارمي (٢٢٦٧)، وابن القاسم عند النسائي: ٦/ ١٣٨.