هذا كلّ غَرَرٍ بالنَّصِّ وصار داخلًا فيه، وإذا قلنا: "نُهِيَ عَنْ بَيعِ الْغَرَرِ" دخل فيه كلّ غَرَرِ بالتَّسْميةِ، فقد دخلَ البَيْعُ في هذا اللّفظ بالنَّصِّ، ودخلَ الغَرَرُ بالتَّسْميةِ.
المسألةُ الثّانيةُ (١):
قوله: "نَهَى عَنْ بَيْعِ العُربَانِ" البَيعُ معروفٌ، وهو يَفتقرُ إلى إيجابٍ وقَبُولٍ، ويَلزَمُ بوجودِهما بلفظِ الماضي، فإذا قال (٢): بِعْنِي، فقال (٣): بِغتُك، فحكى عَلماؤُنا العراقيُّون أنّ التبيعَ يصِحُّ ويَنعَقِدُ.
وقال أبو حنيفة (٤) والشّافعي: لا ينعقدُ حتّى يقول المبتاعُ بعد ذلك: اشتريتُ، أو قَبِلْتُ.
دليلُنا: كلُّ ما كان إيجابًا وقَبُولًا في عَقْدِ النِّكاحِ، كانَ إيجابًا وقَبُولًا في عقد البَيعِ، كما لو قال: قبِلتُ، بعد إلاِيجابِ (٥).
وليس للإيجاب لفظٌ مُعيِّنٌ، وكلُّ لفظٍ أو إشارةٍ فُهمَ منها الإيجاب (٤) لَزِمَ بها البَيْع، إِلَّا أنّ في الألفاظِ صريحًا لا يَحتَمِلُ (٦)، مثل أنّ يقول: بِعْتُكَ فَرَسِي، فيقولُ: قد قَبِلتُ (٧).
وأمّا الألفاظ (٨)، فلا يَلزَمُ البَيْع بها بمجرِّدِها، حتّى يَقتَرِن بها عُرْفٌ أو عَادَةٌ.
الثّالثة:
فإذا ثبت هذا فنقول: الأشياء الّتي تدخل البيع من الفساد أربعةٌ:
١ - إمّا أنّ يكونَ الفسادُ في الثَّمَنِ.
٢ - أو المَثمُونِ.
٣ - أو البائع.
(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٤/ ١٥٧.
(٢) المبتاع.
(٣) البائع.
(٤) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٤٩، والمبسوط: ١٢/ ١٠٨.
(٥) في المنتقى: "الإيجاب والقَبُولُ".
(٦) أي لا يحتمل التّأويل.
(٧) فهذا يلزم به العقد المتبايعين.
(٨) أي الألفاظ المحتملة.