من وُلُوغِ الكلبِ (١): "قد جاء هذا الحديثُ، ولا أدري ما حقيقَتُهُ" (٢) لأنّ هذا الحديثَ عارضَ أَصلّين عظيمين:
أحدُهما: قولُه تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} المائدة: ٤ (٣) فقال مالك: يُؤكَلُ صَيدُهُ فَكَيْفَ يُكرَهُ لُعَابُهُ.
والثّاني: أنّ عِلَّةَ الطّهارة هي الحياةُ، وهي قائمةٌ موجودةٌ في الكلب (٤).
وأمّا حديثُ العَرَايَا، فإن صَدَمَتْهُ قاعدةُ الرِّبا عَضَدَتهُ قاعدةُ المعروفِ.
الأوّل (٥): قال مالك: العَرِيَّةُ: هي أنّ يعري الرَّجل النّخلة، ثمّ يتأذى بدخوله عليه، فرخّص له فيها أنّ يشتريها منه بتمر.
الثّاني: قال الشّافعيّ (٦): لا يكون بالجُزَافِ وإنّما يكون بالكَيلِ من التَّمر يدًا بِيَدٍ.
الثّالث: قال سفيان (٧): هي نخلٌ تُوهَبُ للمساكين فلا يستطيعون أنّ ينتظروها،
فرخّص لهم أنّ يبيعوها بما شاءوا من التّمر (٨).
وقال أبو حنيفة (٩): هذه المسألةُ باطلةٌ، لا يُباعُ مال الرِّبا بالخَرْصِ.
وقد ثَبتَ عن مالكٍ أنّه قال: يجوزُ بيعُها بكلِّ شيءٍ.
(١) رواه مالك في الموطَّأ (٧١) رواية يحيي.
(٢) قاله في المدوّنة: ١/ ٥.
(٣) المائدة: ٤.
(٤) فهذا كان الموت علّة النّجاسة، فقياس العكس يقتضي أنّ تكون الحياة علّة الطّهارة.
(٥) انظر هذه الأقوال في العارضة: ٦/ ٣٦ - ٣٧.
(٦) انظر الحاوي الكبير: ٥/ ٢١٨.
(٧) في العارضة: سفيان بن حسين.
(٨) في العارضة زيادة: "وبه قال إسحاق".
(٩) انظر مختصر الطحاوي: ٧٨.