قال مالك (١): وَالمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بالتَّمرِ في رُؤُوسِ النَّخْلِ. والمُحَاقَلَةُ كِرَاءُ الأَرضِ مِمَّا يَخرُج مِنهَا (٢).

قال الإمام: الإسناد صحيحٌ.

وذَكَر (٣) حديثَ ابنِ عمرَ قال: "وَالمُزَابَنَةُ بَيعُ الثَّمَرِ بِالتَّمرِ كَيلًا، وَبَيعُ الكَرمِ بِالزَّبِيبِ كَيلًا".

قال أهل العربيّة (٤): المزابنةُ المدافعةُ، ومنة قولُه تعالى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} العلّق: ١٨ (٥) أراد -والله أعلم- الملائكة الّذين يدفعونه إلى النّار.

وفسرها الفقهاءُ فقالوا: المزابنةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ في رؤوس النَّخْلِ بالتَّمرِ، ثمّ حمل ذلك على كلِّ رَطبٍ بيَابِسٍ، ثمّ حمل على البيع المجهول.

وقال مالك (٦): "الْمُزَابَنَةُ: كُلُّ شَيءٍ مِنَ الجُزَافِ الَّذِي لأ يُعلَمُ كَيْلُهُ، وَلَا وَزْنُهُ، وَلَا عَدَده"، وأمّا (٧) "المُحَاقَلَةُ" فهي مشتّقَةٌ من الحَقْلِ وهو البَرَاحُ من الأرض، يقال للفَدَادِين: المحاقِيل، كما يقال لها: المزاريع. واختلفَ النّاسُ في ذلك، وقد فسّرهَا الصّاحب الرّاوي

= وابن وهب عند مسلم (١٥٤٦) ومُطَرِّف بن عبد الله عند ابن ماجه (٢٤٥٥).
(١) قول المؤلِّف -تبعًا للبوني: "قال مالك" فيه نظر، يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢/ ٣١٣ "قد جاء في هذا الحديث مع جودة إسناده تفسير المزابنة والمحاقلة، وأقلّ أحواله إنَّ لم يكن التفسير مرفوعًا فهو قول أبي سعيد الخدريّ، وقد أجمعوا أنّ من رَوَى شيئًا وعلم مخرجه سُلَّمَ له في تأويله؛ لأنّه أعلم به، وقد جاء عن عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله في تفسير المزابنة نحو ذلك".
(٢) في الموطَّأ: "كراءُ الأرض بالحِنْطَةِ".
(٣) مالك في الموطَّأ (١٨٢٧) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٥١٨)، وسويد (٢٣١)، ومحمد بن الحسن (٧٧٨)، وابن القاسم (٢٣٦)، والقعنبي عند الجوهري (٦٨٤)، وعبد الرزّاق في المصنف (١٤٤٨٩)، والشّافعيّ في الرسالة (٩٠٦)، وابن مهدي عند أحمد: ٢/ ٧، وابن أبي أويس، والتنيسي عند البخاريّ (٢١٧١) (٢١٨٥)، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم (١٥٤٢) وقتيبة بن سعيد عند النسائي: ٧/ ٢٦٦.
(٤) قول أهل العربية مقتبس من تفسير الموطَّأ للبوني: ٩٤/ أ.
(٥) العلّق: ١٨.
(٦) في الموطَّأ (١٨٣١) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٥٢٢).
(٧) الفقرات التالية مقتبسة من تفسير الموطَّأ للبوني: ٩٤/ أمع بعض الزيادات اليسيرة.