الفقه في اثنتي عشرَة مسألة:
المسألة الأوُلى (١):
اتّفقَ علماءُ الأمصارِ على أنّ الشُّفعَةِ إنّما تكونُ في العَقَارِ دُونَ المنقولِ، لِمَا قدّمناه من أنّ الشُّفعَةَ إنّما ثَبَتَت لضَرَرِ مؤنَةِ القِسمَةِ، وذلك يختصُّ بالعَقَارِ دون المنقول، إذ مِنَ المنقول ما لا يُقسم بحالٍ، وما ينقسِمُ منه فلا مُؤنَةَ فيه.
وانفردَ مالك عن جمهورِ العلماء بفرعين:
أحدُهما، أنّه قال: الشُّفعَةُ في الثِّمار (٢)، وهي من المنقولات.
وقال سائرُ العلّماءِ: كلُّ منقولٍ لا شُفْعَةَ فيه كالعُرُوضِ.
وهذا قياسٌ جليٌّ، وعَوَّلَ مالكٌ - رحمه الله - على ركنين:
أحدهما: أنّ الثَّمرةَ وإن كانت مقطوعةً منقولةً فإنّها بأصلها من العَقَارِ تابعةٌ، عنها نشأت، وفيها نبتت، فما دامت متّصلةَ بها فحُكمُها حُكمُها، أَوَ لا ترى أنّ الأغصانَ والأوراقَ فيها الشُّفعَةُ تابعةٌ للأُصول، وهي تَفصُلُ عنها وتُقطَعُ منها.
الركنُ الثّاني -وهو خَفِيٌّ-: أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - أَرخَصَ في بيع العَرَايَا، واستثناها من الرِّبَا لضَرَرِ المداخلة، وكذلك ضَرَرُ المداخلة في الثَّمرة مثلُه عندَ القضاءِ بالشُّفعَةِ.
الفرعُ الثّاني: قال مالكٌ: ما لا يُقسَمُ من العَقَار إلّا بفسادِ هيئتِهِ وتغَيُّرِ صِفَتِهِ لا
(١) انظرها في القبس: ٢/ ٨٥٣ - ٨٥٦.
(٢) رواه عنه ابن القاسم في المدوّنة: ٤/ ٢٠٧ باب ما لا تقع فيه الشُّفعَةِ، وانظر المعونة: ٢/ ١٢٦٨.