لأحد الخَصمَيْن على الآخر، وتبيِّنَ للحاكم الظّالمُ منهُما من المظلومِ، فليس يجب عليه أنّ يحملهما على الصُّلحِ.
قال الإمام: وهذا قولٌ قويٌّ جدًّا في النّظر.
المسألة التّاسعة عشرة:
هل يكون للقاضي تُرجمانٌ يترجِمُ عن الألسن للقاضي؟ ففيه أقوال:
كان الشّافعيّ (١) يقول: لا تُقبَل التّرجمة عنه -يعني العجمي- إِلَّا بشاهدين عدلين يعرِفَان ذلك اللِّسان.
وقال قومٌ: لا يحلُّ للقاضي أنّ يحكُمَ حتّى يعرِفَ جميع الَألسُن (٢)، وهذا بعيدٌ جدًّا.
وقيل: إنَّ المسلم إذا تَرجمَ عنه قبل منه، واثنان أحبّ إليَّ، ولا يقبل في ذلك كافرٌ، ولا مُكاتَبٌ، ولا عبدٌ، ولو قَبِلَ ترجمة امرأةٍ بعد أنّ تكون حُرّة مسلمة عَدْلَة فهو في سَعَةٍ، ورجلان أو رجلٌ وامرأتان أحبّ إلينا، هذا قول أبي حنيفة (٣) ويعقوب.
الموفية عشرين: في ذِكرِ ما يجوزُ إنفاذُه من كُتُبِ القضاة بعضهم إلى بعض
قال جماعة العلماء: إنَّ ذلك جائزٌ إذا كُتُب قاض إلى قاض، ولا يكون ذلك إِلَّا بشاهِدَين عَدْلَين معروفَين، يقرؤُه عليهما، ويشهدان على ما فيه على خاتم القاضي، وعلى ما في كتابه كلَّه؛ لأنّه حقٌّ، وهو مثل شهادة على شهادة.
نازلة:
كتابُ القاضي يصلُ وقد مات المكتوبُ إليه وولي غيره؟ فاختلف العلماء فيه:
فقيل عن الحسن البصريّ أنّه قَبِلَ كتابُ قاضي الكوفة إلى إياس بن معاوية في حكمٍ وقد عزل إياس، فأمر الحسن بعده بإنفاذه.
(١) انظر أدب القاضي لابن القاص: ١/ ١٢١، والحاوي الكبير: ٦/ ١٧٦.
(٢) يقول ابن القاص في أدب القاضي: ١/ ١١٧ "ويحرصُ أنّ يكون فصيحًا، عالمًا بلغات الخصوم، ضابطًا لتغير العجميّة إلى العربية".
(٣) انظر المبسوط: ١٦/ ٨٩.