من أموال الصّدقات ولا من المغانم.
الثّانية والعشرون: في قَبُول الهديّة والرَّشوة للأمراء والقضاة
فيه أحاديث كثيرة وشواهد جَمَّة، قال اللهُ تعالى في ذَمِّ من أكل أموال النَّاس بالباطل: {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} الآية (١)، ففسَّرَ ذلك الحسن: أنّها الرَّشوة (٢).
وقال مجاهد: هي الرّشوة في الحُكم (٣).
وثبت عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أَنَّهُ لَعَنَ الرَّاشِي وَالمُرتَشِي في الحُكم (٤).
وسُئِلَ ابن مسعود عن الرِّشا في الحكم؟ قال: ذلك الكفر (٥).
وقال النخعي: الرِّشَا في الحكم سُحتٌ.
وكان الشّعبيّ والحسن البصري يقولان: لا بأس أنّ يُصانِع الرَّجل على نفسه وماله إذا خاف الظُّلم (٦).
وقال جابر بن زيد: ما رأينا في زمان زياد أنفع من الرَّشا (٧).
وسئل أحمد عن الرِّشوة؟ فقال: أرجو إذا كان يرفع بها عن نفسه الظُّلم.
وقال الشّافعيّ (٨): أكره للقاضي الشِّراء والبيع والنّظر في النّفقة وفي ضَيعَته.
ويُكرَهُ للقاضي أنّ يفتي في الأحكام إذا سئل عن ذلك، وكان شُرَيْح يقول: إنّما أقضِي ولا أفتي، وأمّا الفتوى في سائر الأمور من الطّهارة والصّلاة، والزّكاة والحجِّ،
(١) المائدة: ٤٢.
(٢) أخرجه الطّبريّ في تفسيره: ٦/ ٢٣٩.
(٣) أخرجه الطّبريّ في تفسيره: ٦/ ٢٣٩.
(٤) أخرجه من حيث أبي هريرة: أحمد: ٢/ ٣٨٧، والترمذي (١٣٣٦) وقال: "حديث حسن" وابن الجارود (٥٨٥)، وابن حبّان (٥٠٧٦)، والحاكم: ٤/ ١٠٣، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وانظر تلخيص الحبير: ٤/ ١٨٩.
(٥) أخرجه الطّبريّ في تفسيره: ٦/ ٢٤٠، ووكيع في أخبار القضاة: ١/ ٥١، والطبراني في الكبير (٩١٠١).
(٦) أورده ابن الأثير في النهاية: ٢/ ٢٢٦ منسوبًا إلى جماعة من أيمّة التابعين، كما أورده ابن قدامة في الشرح الكبير: ٢٨/ ٣٥٤ منسوبًا إلى عطاء وجابر بن زيد والحسن.
(٧) أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار, كما في المعتصر من المختصر لأبي المحاسن الحنفي: ٢/ ٧، وأورده ابن قدامة في الشرح الكبير: ٢٨/ ٣٥٥.
(٨) في الأم: ١٣/ ١٢ (ط. قتيبة)، وانظر الحاوي الكبير: ١٦/ ٤٢.