قلنا له: يا أبا حنيفةَ، أنتّ أوّلُ من نقَضَ هذا، فلا يمكُنكَ أنّ تتقوَّى به، قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "المُتَلَاعِنَانِ لَا يَجتَمِعَانِ أَبَدًا" (١)، وقلتَ أنتَ: إذا أَكذَب نفسَهُ ردَّها، فكيف رَاعَيتَ الأبَديَّة في القَذفِ ورَدَدتَها في اللِّعان، واللَّفظُ واحدٌ؟! وهذا ما لا جوابَ له عليه، وقد مهّدنا ذلك في "مسائل الخلاف".

القضاء باليمين مع الشّاهد

قال الإمام (٢): عوَّلَ مالك في هذا الباب على حديث أبي جعفرٍ محمّد بنِ علىٍّ المُرسلِ (٣)، وعلى قضاءِ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ الّذي عَهِدَ به (٤).

الإسنادُ (٥):

قال الإمامُ: الصّحيحُ أنّ هذا الحديثَ مُرْسَلٌ (٦)، وأَسنَدَهُ غيرُه (٧) عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قضّى بالشّاهد مع اليمين (٨).

(١) أخرجه الدارقطني: ٣/ ٢٧٦ والبيهقي: ٧/ ٤٠٩ عن ابن عمر.
(٢) انظره في القبس: ٣/ ٨٩٠ - ٨٩١.
(٣) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢١١١) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٩١١)، وسويد (٢٨٥)، ومحمد بن الحسن (٨٤٦)، وابن وهب عند الطحاوي في شرح معاني الآثار: ٤/ ١٤٥. وانظر تعليق بشار عوّاد معروف على الحديث في الموطَّأ.
(٤) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢١١٢) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٩١٢)، وسويد (٢٨٥)، والشّافعيّ في الأم: ٦/ ٢٥٥ (ط. النجار).
(٥) كلامه في الإسناد مقتبس من تفسير الموطَّأ للقنازعي: الورقة ١٧٦ مع اختلاف طفيف.
(٦) عند جميع رواه الموطَّأ، كما نصَّ على ذلك ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٢/ ٤٧.
(٧) وهم جماعة من الثقات، كما نصّ على ذلك ابن عبد البرّ في المصدر السابق.
(٨) أخرجه بهذا الإسناد: أحمد: ٣/ ٣٠٥، وابن ماجه (٣٣٦٩)، والترمذي في جامعه (١٣٤٤)، وفي علله الكبير (٣٥٨)، وابن الجارود (١٠٠٨)، والدّارقطني: ٤/ ٢١٢، والبيهقي: ١٠/ ١٧٠، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢/ ١٣٤.