واختلف العلماء في مراسِلِ سعيد بن المسيَّب، فأكثرُ العلماءِ عوَّلُوا عليها؛ لصحَّةِ عَقلِهِ ودِينِه وثِقَتِه، وعليها عوَّلَ مالك -رضي الله عنه-.
وهذا كلُّه إنَّما هو لقوله صلى الله عليه: "مَنْ كَذبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ من النَّارِ" (١).
وقال رَجُلٌ لابنِ المُبَارَكِ: هل يمكنُ أحدٌ أنّ يَكْذِبَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فأشار بيده وانتَهَرَهُ، وقال: وما الكَذِبُ!.
وقال حَمَّادُ بنُ زَيدٍ: وَضَعَتِ الزّنادقةُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثْنَىْ عشرَ أَلْفَ حديث (٢)، بَثُّوها في النّاس، وكذلك (٣) مُسَيْلِمَة الكذّاب لَعَنَهُ الله.
قال الإمام (٤): تخويف النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أمَّتَهُ من النَّار على الكَذِبِ عليه, دليلٌ أنّه كان يَعْلَم أنّه سَيُكْذَبُ عليه.
وقال ابنُ عَوْنٍ: لا تأخُذوا الحديثَ إلَّا عن ثِقَةٍ، أو عمّن يُشْهَدُ له بالطَّلَبِ (٥).
وقال (٦): إنّ هذا العلم دِينٌ، فانظُروا عمّن تأخذونَه (٧).
(١) أخرجه البخاري (١١٠)، ومسلم (٣) من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه الخطيب في الكفاية: ٤٣١.
(٣) هذه العبارة زيادة من المؤلِّف على نصِّ ابن عبد البرّ.
(٤) الكلام موصول للإمام ابن عبد البرّ في التمهيد: ١/ ٤٤.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: ٢/ ٢٨، وابن عون هو أبو عون عبد الله المزني البصري (ت. ١٥١) انظر أخباره في سير أعلام النبلاء: ٦/ ٣٦٤.
(٦) القائل هنا وابن سيرين، كما في التمهيد: ١/ ٤٦.
(٧) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه: ١/ ١٤، وابن عدي في الكامل: ١/ ١٥٧.