وقوله (١): "إنَّ عُمَرَ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - عَنِ الكَلَالَةِ؟ " يحتمل (٢) أنّ يسأل عن حكمهم في الميراث. ويحتمل أنّ يسأل عمّن يستحقّ هذا الاسم من الوَرَثَة والمورّثين.
العربيّة (٣):
اختلف العلماء وأهل اللّغة وغيرهم في الكَلَالَةِ، فقال: صاحب "العين" (٤): الكلالةُ الّذي لا ولدَ له ولا والد.
وقيل: إنَّ الكلالة من بَعُد، يقال كَلَّتِ الرَّحِمُ إذا بَعُدَ من خرج منها.
وقيل: إنَّ الكَلَالَة هم الوَرَثَة الّذين يحيطون بالميراث.
وقيل: إنَّ الكَلَالَةَ المالُ، ولا وجه له.
وقيل: الكَلَالَة من فقد أَبَاهُ وأمّه قبله ثمّ مات بعد ذلك.
تنقيح (٥):
قال الإمام: والكَلَالَة الموروث على مقتضى الحديث، وهو ظاهر القرآن، وذلك قولُه: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ} (٦) وقال - صلّى الله عليه وسلم -: "يَكفِيكَ آيَة الصَّيف" (٧) يقتضي أنّ السّؤال كان عن أحكام الوارِثِينَ.
والآية نزلت في شأن جابر بن عبد الله، رواه ابن المُنْكَدِر عنه، قال جابر: مرضت فأتاني النّبي - صلّى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وقد أُغمِيَ عليَّ فلم أكلِّمهم، فتوضّأ فصبَّ عليَّ،
(١) أي قول زيد بن أَسْلَم في الموطَّأ (١٤٦٧) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٣٠٤٥)، وسويد (٢١٤).
(٢) الكلام التالي مقتبس من المنتقي: ٦/ ٢٤١.
(٣) قارن بالأحكام: ١/ ٣٤٥ - ٣٤٧.
(٤) ٥/ ٢٧٩ وعبارته: "الكَلُّ: اليتيمُ والكلُّ: الرَّجل الّذي لا وَلَدَ له، والفعلُ: كَلٍّ يَكِلُّ كلَالَةً".
(٥) ما عدا الفقرة الأخيرة مقتبس من المنتقى: ٦/ ٢٤١، وانظر كلام السهيلي وهو تلميذ ابن العربي على الكلالة في كتاب الفرائض: ٦٩ - ٧٢.
(٦) النِّساء: ١٢.
(٧) أخرجه مالك في الموطَّأ (١٤٦٧) رواية يحيى، بلفظ: "يكفيك من ذلك الآيةُ الّتي أُنْزلَت في الصَّيفِ".