وقد خالف الحديثَ والجمهورَ في ذلك أبو حنيفةَ (١) فقال: لا يجوزُ القَوَدُ إِلَّا بالسَّيف خاصّة.
ودليلنا قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (٢) وقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (٣).
ومن جهة السنّة: الحديث المتقدِّم (٤)، "أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأسَ جَارِيَةِ" فلا كلامَ على هذا بوجهٍ.
المسألة الخامسة (٥):
إذا ثبت ذلك، فإنّ لأصحابنا في فروع هذه المسألة اختلافًا، والأصل ما قدّمنا، فقد رَوَى محمّد عن ابن المّاجشُون: أنّه من قَتَلَ بالنّار لم يُقتل بها، والمشهور عن مالك وأصحابه أنّه يُقْتَل بها.
ووجه ذلك: ما تقدّم من الحديث والآي.
ومتعلّق ابن الماجِشُون: ما رُوِيَ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "لَا يُعَذَّبُ بالنار إِلَّا رَبُّ النَّارِ" (٦).
ومن جهة القياس: أنّه تفويت رُوحٍ مُباحٍ، فلم يجز تفويته بالنَّارِ كالذَّكَاةِ.
فرع (٧):
فإن غَرَّقَهُ في الماء غُرِّقَ به، رواه عبد الملك بن الماجشون عن ابن القاسم في
(١) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٥/ ١٤٧، ومختصر الطحاوي: ٢٣٢.
(٢) البقرة: ١٩٤.
(٣) النحل: ١٢٦.
(٤) انظر الصفحة السابقة.
(٥) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٧/ ١١٩.
(٦) أخرجه عبد الرزّاق (٥٤١٨)، وأبو داود (٢٦٧٦ م)، ومن طريقه البيهقي ٩/ ٧٢ عن محمّد بن حمزة الأسلمي عن أبيه.
(٧) هذا الفرع مقتبس من المنتقي: ٧/ ١١٩.