السَّيف"، وقد بينّا ذلك في "كتاب الشهادات" (١).

جامع ما جاء في أهل القدر

حديث مالك (٢)، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "لَا تَسأَلِ المَرأَةُ طَلَاقَ أُختِهَا (٣) لِتَستَفرغ صَحفَتَها (٤)، وَلِتَنكِحَ؛ فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا".

الأصول (٥):

قال الإمام: في هذا الحديث إثبات القَدَرِ، والإقرار بعدم العلم، بقوله: "إِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا" (٦) وهذا نحو قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} (٧).

وذِكْرُ الصَّحفَةِ في هذا الحديث، كنايةٌ عن خير الزّوج لتنفرد به وحدَها.

وفي هذا الحديث دليلٌ على كراهية اشتراط المرأةِ على زوجها أنّ يعقد لها على نفسه؛ أنّ كلَّ من ينكحها عليه طالق.

(١) من المسالك.
(٢) في الموطَّأ (٢٦٢٢) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٨٧٧)، وسويد (٦٤٧)، والقعنبي عند الجوهري (٥٥٩)، وعبد الله بن يوسف التنيسي عند البخاريّ (٦٦٠١)، وقتيبة ابن سعيد عند النسائي في الكبرى (٩٢١٢).
(٣) يقول ابن حبيب في شرح غريب الموطَّأ: الورقة ١٤٨ "يعني بأختها، أي ضرتها".
(٤) يقول ابن حبيب في المصدر السابق: "يعني لتصرف حظ أختها من زوجها إلى نفسها فيكون لها كلّه". يقول ابن عاشور في كشف المغطّى: ٣٤١ "وهو تمثيل لحال المرأة الّتي تسعى في طلاق ضرَّتها المسلمة لتتزوّج زوجها فتحل محلها في النّفقة بحال الّتي تتحيل على استفراغ صحفتها لتأكل ما فيها، فإنهم كانوا يضعون الطّعام الجيّد في الصحاف".
(٥) كلامه في الأصول مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٠٥ - ١٠٦، وانظر عارضة الأحوذي: ٥/ ١٦٦.
(٦) يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٨/ ١٦٥ "هذا الحديث من أحسن أحاديث القدر عند أهل العلم والسُّنَّة".
(٧) التوبة: ٥١.