وقوله لعليّ بن أبي طالب: "لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤمِنٌ وَلَا يبغضكَ إِلّا مُنَافِقٌ" (١).
وقال جابِر بن عبد الله: مَا كُنَّا نَعْرِفُ المُنَافِقِينَ إِلَّا ببُغضِ عَلىٍّ (٢).
قال الإمام: والحبُّ في الله هو حبُّ أَولياءِ الله، وهم الأتقياءُ العلّماءُ باللهِ، المعلِّمونَ لدِينِ اللهِ، العاملون به.
الثّانية (٣):
قوله: "اليَومَ أُظِلُّهُم فِي ظِلِّي" قال علماؤنا: يحتمل أنّ يريد به أنّ النَّاس يضجّون يوم القيامة، وتدنو الشّمسُ منهم، فيشتدُّ عليهم الحرّ، ولا ظلّ ذلك اليوم إِلَّا ظلّه، فمن أَظلَّهُ الله ذلك اليوم فقد رَحِمَهُ وفازَ.
وقوله: "في ظِلِّي" قال علماؤنا: ظلُّ اللهِ سِتْرُهُ، ومن ذلك قولهم: أنا في ظلِّ فلان، أي في سِترِهِ.
ويحتمل (٤) أنّ يريد أكنه من المكاره، وأكنفه في كَنَفِي وأكرمه، ولم يُرِد شيئًا من الظِّلَّ ولا الشّمسِ، إنّما أراد ستر الله.
حديث أبي هريرة (٥)؛ أنّه قال: "سبعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ" الحديث، صحيحٌ متَّفقٌ عليه (٦) خرّجه الأيمّة (٧).
وفي "مسلم" (٨) غريبة، قال فيه: "وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَلَم تعلَم يَمِينُهُ مَا أَنفَقَت
(١) أخرجه الحميدي (٥٨)، وأحمد: ١/ ٩٤، ٩٥، وعبد الله بن أحمد في فضائل الصّحابة (٩٤٨، ٩٦١)، والترمذي (٣٧٣٦) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، والنسائي: ٨/ ١١٥، وفي الكبرى (١١٧٤٩)، وخصائص عليّ (١٠٢)، وأبو يعلى (٢٩١)، وابن حبّان (٦٩٢٤).
(٢) أخرجه أحمد في الفضائل (١١١٠) والطبراني في الأوسط (٢٢١٤).
(٣) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٧٣، مع بعض الزيادات الّتي نعتقد أنّها ساقطة من المطبوع من المنتقى.
(٤) قائل هذا الاحتمال هو عيسى بن دينار، نصّ على ذلك الباجي.
(٥) في الموطَّأ (٢٧٤٢) رواية يحيي، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٠٠٥)، وسُويَد (٦٥٣)، والقعنبي عند الجرهري (٣٢٥)، ويحيى بن يحيي النيسابوري عند مسلم (١٠٣١)، ومعن عند التّرمذيّ (٢٣٩١)، وابن وهب في شرح مشكل الآثار (٥٨٤٤).
(٦) أخرجه البخاريّ (٦٨٠٦)، ومسلم (١٠٣١).
(٧) كالإمام ابن حبّان (٧٣٣٨)، والبيهقي: ١٠/ ٨٧، والبغوي (٤٧٠)، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢/ ٢٨٠ وغيرهم.
(٨) الحديث (١٠٣١).