وفي ذلك أربع فوائد:
الفائدة الأولى:
أنّ السَّبقَ بالفِعْلِ لا بالزِّمانِ.
الفائدة الثّانيةُ:
أنّ ابتداءَ حِسَابِ الجُمعةِ يومُ الجمعةِ، وخاتِمَتُهُ الخميسُ، إلَّا أنّ النّاسَ أصابَتْهُم رائحةٌ يهوديِّةٌ، فأخَّرُواَ أنفسَهُم وقد قَدَّمَهُمُ اللهُ، فيبتَدِئونَ بيومِ السَّبتِ، وَيخْتِمُون بيومِ الجمعةِ، وإلى مِثْلِه وقَعتِ الإشارةُ بقوله: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} الآية (١).
الفائدة الثالثة:
هي أَنْ جعلَ الجُثَثَ (٢) محمولةٌ للظُّروفِ، والظُّروفَ خبرًا عنها في قوله: "اليهودُ غَدًا" (٣) وقد قال عبدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ: نحن الدُّنيا فمن رفعناهُ ارتفعَ.
الفائدة الرابعة:
أنّ الله تعالى هدانا للتَّمَسُّك بالشّريعة، وأنّ أهلَ الكتابِ بَدَّلُوا، فهدانا اللهُ للحقِّ.
تنبيهٌ وتبيينٌ:
ثُبت في الصّحيح أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُصَلِّي الجمعةَ، فينصَرِفُ وليس للحيطانِ ظِلُّ (٤)، وهذايدلُّ على (٥) التّبكير إليها, إلى التّبكير بها، وأدخل مالك (٦) حديث عمر موافقًا له؛ فإنَّ الطَّنْفسة إنّما كان يغشاها الظِّلُّ، ظلُّ الجِدارِ في أوَّلِ الوقتِ، وذلك يُعرَفُ بثلاثةِ شروطٍ:
أحدُها: صوبُ الْقِبْلَةِ بالمدينة.
والثّاني: الجِدَارُ. لأنّ الظِّلَّ يَختَلِفُ فيه.
(١) الملك: ٢٢.
(٢) أي الاشخاص.
(٣) انظر المفهم للقرطبي: ٢/ ٤٩٢.
(٤) أخرجه البخاري (٤١٦٨)، ومسلم (٨٦٠) من حديث سلمة بن - الأكوع.
(٥) تتمة الكلام كما في القبس: " ... على تبكيره بها. وقال ابن عمر: ما كنّا نتغدّى ونقيل إلّا بعد الجمعة، إشارة إلى التبكير. ..) وما نظنّ أنّ هذه الزيادة إلَّا ساقطة من نسخ المسالك، فتنبه.
(٦) في الموطأ (١٣) رواية يحيى.