وحدُّ الكذب عندنا هو: الإخبار بالشَّيءِ على ما ليس هو عليه (١)، وحدّ الصِّدق: مايُخْبَرُ على حقيقة ما هو به (٢).
وبالصّدق فاز من فاز، والله قد أثنى على الصّادقين فقال: {وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (٣).
وقال بِشْرُ بن بَكْرٍ: رأيتُ الأوزاعيَّ مع جماعة من العلماء في المنام في الجنّة فقلت وأين مالك بن أنس؟ فقال: رُفعَ. فقلتُ: بماذا؟ قال: بصدقه (٤).
وقال منصور الفقيه:
الصِّدْقُ أَوْلَى مَا بِهِ ... دَانَ امْرُؤٌ فَاجْعَلْهُ دِينَا
وَدَعِ النِّفَاقَ فَمَا رَأَيْتُ ... مَنَافِقًا إِلّا مَهِينَا (٥)
قال: يكون المؤمن جبانًا ولا يكون كذّابًا ويكون بخيلًا (٦).
وكان أبو حنيفة لا يُجِيزُ شَهادةَ البَخِيلِ (٧).
ما جاء في إضاعَة المال وذي الوَجْهَيْن
أدخل مالك (٨) فيه حديث بن أبي صالح، عن أبيه؛ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ اللهَ
(١) انظر الحدود في الأصول لابن فورك: ١٣٥.
(٢) انظر المصدر السابق: ١٣٤.
(٣) التوبة: ١١٩.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتّعديل: ١/ ٢٨، كما أورده الباجي في المنتقى: ٧/ ٣١٤.
(٥) أوردهما ابن عبد البرّ في بهجة المجالس: ١/ ٥٧٣، وابن مفلح في الآداب الشرعية: ١/ ٧٠.
(٦) يشير إلى ما أخرجه الإمام مالك في الموطّأ (٢٨٣٢) مرسلًا، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٠٨٨)، وسويد (٧٧٢). قال ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٧/ ٣٥٤ "لا أحفظ هذا الحديث مُسْنَدًا من وجه ثابتٍ، وهو حديث حسَنٌ مُرْسَلٌ"، وانظر التمهيد: ١٦/ ٢٥٣.
(٧) وعلل أبو حنيفة المنع بقوله: "إنّه يحملُه النَّقصُ على أن يأخُذَ فوقَ حقِّه" عن الاستذكار.
(٨) في الموطّأ (٢٨٣٣) رواية يحيى.