وقال علماؤنا (١)؟ "يُحشَرُ الناسُ على قَدَمِي" أي قدّامي وأمامي، كأنّهم يجتمعون إليه وينضمّون حوله، ويكونون أمامه ووراءه يوم القيامة.
وقد قيل (٢): "عَلَي قَدَمِي" على سابقتي، مأخوذ من قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (٣) والقَدَمُ السّابقة بإخلاص الصِّدق والطّاعة.
الخامسة (٤):
قوله: "وأنا العَاقِبُ" فقد جاء عنه عليه السّلام في هذا الحديث أنه قال: "وأنا العاقبُ الّذى ليس بعدي نبىٌّ" (٥).
وقال أبو عُبيد (٦): "سألتُ سفيان بن عُيَينَة عن العاقب فقال لي: آخر الأنبياء". قال أبو عُبَيد: "وكذلك كلّ شيء خلفّ بعد شيءٍ فهو عاقب".
قال الإِمام: وهذا المعنى يشهد له كتاب الله في قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٧).
وذكر ابنُ وهب عن مالك؛ قال: ختم الله به الأنبياءَ، وختم بمسجده هذا المساجدَ (٨).
قال الإِمام: يعني مالك بذلك مساجد الأنبياء.
قال عباس بن مرداس السُّلَمِيَّ (٩):
(١) المقصود هو الإِمام ابن عبد البر في الاستذكار: ٢٧/ ٤٤٣.
(٢) انظر هذا القول في العارضة: ١٠/ ٢٨١ - ٢٨٢.
(٣) يونس: ٢.
(٤) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٢٧/ ٤٤٤. وانظر تذكرة المحبيّن: ١٤٥ - ١٦٠.
(٥) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي (٢٨٤٠) وقال: هذا حسن صحيح، والحديث رواه: عبد الرّزاق (١٩٦٥٧)، والحميدي (٥٥٥)، وأحمد: ٤/ ٨٠، ومسلم (٢٣٥٤)، وغيرهم.
(٦) في غريب الحديث: ١/ ٢٤٣، والنصُّ نفسه قاله ابن حبيب في تفسير غريب الموطّأ: الورقة ١٦٩.
(٧) الأحزاب: ٤٠.
(٨) أسنده ابن عبد البرّ في التمهيد: ٩/ ١٥٥.
(٩) في ديوانه: ٩٥. وانظر ترجمة الشاعر في الشعر والشعراء: ١/ ٣٠٠، ٢/ ٧٤٦.