بابُ النَّهي عن الصّلاة بالهاجرة
مالكٌ (١)، عن زيدِ بنِ أَسْلَمَ، عن عطاءِ بنِ يَسَار؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ شِدَّةَ الْحَرَّ من فَيحِ جَهَنَّمَ ... ".
وقد أَسْنَدَ مالكٌ هذا الحديثَ (٢)، وهذا الحديثُ من مَرَاسِل عَطَاء الّتي تكلّم النّاسُ فيها.
قال الشّيخ أبو عمر (٣) - رضي الله عنه -: "هذا حديثٌ صحيحٌ عند أهل العلمِ بالنَّقلِ".
والكلامُ على هذا الحديث يشتملُ على فصلين:
الفصلُ الأوّلُ في شَرْحِهِ
وفيه ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى (٤):
قوله: "إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فيحِ جَهَنَّم" الفَيْحُ: سطوعُ الحرِّ وشدَّة القيظِ، قاله صاحب "العين" (٥).
قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي (٦): هذا وقتٌ أنشأتْهُ الحاجةُ، ورَخَّصَتْ فيه الشّريعةُ؛ رَفعًا للمشقَّةِ، وليس له تحديدٌ في الشّريعة إلَّا ما وَرَدَ في الحديثِ، حديث ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - كان يُصَلِّي الظُّهرَ في الصَّيْفِ من الثَّلاثةِ
(١) في الموطأ (٢٧) رواية يحيى، ورواه عن مالكٌ: القعنبيّ (٢٤)، وسويد (٣٤)، والزّهري (٣٨).
(٢) الحديث (٩٩) من الموطأ رواية يحيى، والَّذي بعده (٢٩)، وانظر الإيماء للداني: ٢٤٣/ ب.
(٣) في الاستذكار: ١/ ١٢٦ (ط. القاهرة) بنحوه، وعبارته هي: "وهو حديث عند أهل السنة والعلم
بالحديث صحيح لا مقال فيه لأحدٍ".
(٤) الفقرة الأولى من هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ١/ ١٢٦ (ط. القاهرة).
(٥) ٣/ ٣٠٧ بدون زيادة: "وشدّة القيظ".
(٦) انظر هذه الفقرة في القبس: ١/ ١٠٧.