ليس بمحسوسٍ، وإنّما معناه المنعُ، وإذا زال المنعُ لم يَعُد (١).
وأمّا الوضوءُ بنيَّةِ الأقسام المتقدِّمة، فإنّ الصّلاةَ وأمثالها ممّا يمنع الْحَدَثُ منه، تَجُوزُ به؛ لأنّه إنّما يتوضّأ ليكون على الكمال، أو كمال الأحوال، فيقول في النّوم: أَلْقَى رَبِّي على طهارة إنْ أنا متُّ، ويقولُ في دخول الأمراء: لا أدري قَدْرَ ما أحبس، فربّما تَحِين الصّلاة فَتجِدُني طاهرًا. وأمّا ذِكْرُ الله تعالى، فيقول: لا نتكلَّمُ إلَّا به.
وبَقِيَ وضوءُ الفضيلة، فقال سحنونٌ ومحمدُ بنُ عبدِ الحَكَم: لا يصلَّى به. وقال أشهب: يجزئُ، وقد رويتُ الوجهان عن مالكٌ - رحمه الله -، والصّحيح أنّه لا يُجْزِئُهُ؛ لأنّه لم يتوضّأ وهو ينوي به الطّهارة؛ إنّما نَوَى به الكمال والفضيلةَ.
نكتة لغوية:
قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "فَدَعَا بِوَضُوءٍ" الْؤَضُوءُ بالفتح عبارة عن الماء، والْوُضُوءُ بالضمِّ المصدر، مثل قوله: الوَقُود والوُقُود، والعرب تسمِّي الشيءَ باسمِ ما قَرُبَ منه، وهو واقع في الشّرع على النّظافة، لقولهم: فلانٌ وضيء الوجه، بمعنى نظيفه.
وقال الفَرَّاء: الوَضوءُ بالفتح اسم الماء الّذي يُتَؤضَّأ به، وبالضَّمّ هو الفعل، مصدر وضوء وضاءة ووضوء (٢).
وقال الخليل بن أحمد (٣): "أقول بالفتح فيهما، والضَّمّ لا أعرفه" (٤).
(١) تتمة العبارة كما في القبس: " ... إلَّا بِعَوْدِ سَبِبِهِ".
(٢) انظر الزاهر لابن الأنباري: ١/ ١٣٢، ومشكلات موطَّأ مالك: ٥٠، والاقتضاب: ٤/ أ.
(٣) في كتاب العين: ٧/ ٧٦.
(٤) عبارة الخليل هي: "والوَضوءُ: اسم الّذي يتوضّأ به، فأمّا من ضَمَّ الواو فلا أعرفه؛ لأنّ الفُعول اشتقاقه من الفعل بالتخفيف، نحو الوَقود والوُقود، وكلاهما حسن في معناهما. ولأنّه ليس فَعَلَ يَفْعُلُ، فلا تقول: وضأ يوضَؤُ، وإنّما يكون الفُعُول مصدر فَعَلَ".