لا يوجِبُ حُكمًا في الدِّين، وعلى قول ابن شهاب فإنّه قال: هذا شيء وقع في النَّفْس منه شيءٌ، فإنّه يتوضأُ به ويتيمّمُ (١).
الصّورة الثّانية:
هو إذا تحقّق وقوع النّجاسة فيه، لكنها لم تغيِّره، فعلى القول الأوّل إنّه طاهِرٌ: يتوضَّأُ به. وعَلى القول الثّاني بِإنّه نَجِسٌ: يتيمَّمُ. وقيل: يتوضّأُ ويتيمَّمُ كما تقدّم.
وإذا قلنا بذلك، فهل يبدأ بالوضوء أو بالتيمّم؟ فقد اختلف فيه علماؤنا؟ والصحيح عندي أنّه يبدأ بالتيمُّمِ؛ لأنّه إنّ كان ماءَ نَجِسًا فقد تيمَّمَ وصلَّى بأعضاءٍ طاهرةٍ، وان كان ماءً طاهرًا فقد جازَت بعدَ ذلك صلاتُه.
الصّورة الثّالثة:
هو إذا كان معه إناءان أحدُهما طاهرٌ والآخرُ نَجِسٌ (٢)، ففيهما للعلماء خمسة أقوال:
الأوّل منها: أنّه يتَوضّأُ بهما، ويصلِّي صلاتَينِ، على تفصيلٍ (٣).
القول الثّاني:، أنّه يَدَعُهُمَا (٤).
القول الثالث: أنّه يتحرَّى فيهما وَيجتهِدُ، فإذا أدَّاهُ اجتهادُهُ إلى الطَّاهر، توضَّأَ به (٥).
القول الرّابع: هو مِثلُ ما تقدَّم أو قريبٌ منه، زاد: وُيرِيقُ الباقي.
القول الخامس: هو أنّ الأواني إذا كانت يسيرةً تحرَّى، وإن كانت كثيرةً سقطَ عنه
(١) أورده البخاري تعليقًا فتح الباري: ١/ ٣٢٧، وقد أوصله ابن حجر في تغليق التعليق: ٢/ ١٠٧ - ١٠٨.
(٢) أي أنجس نجاسة لم تغيّره.
(٣) ذكر ابن القصّار في عيون الأدلة: ٩٥/ ب أنّه قول عبد الملك بن الماجشون، وهو الّذي اختاره ابن الجلاب في التفريع: ١/ ٢١٧، وانظر الإشراف: ١/ ١٨٢ (ط. ابن حزم).
(٤) ويتيمّم حينئذ، وهو قول سحنون، كما نص على ذلك عبد الوهاب في الإشراف: ١/ ١٨٢ (ط. ابن حزم).
(٥) هو قول محمد بن الموّاز، كلما نصّ على ذلك القاضي عبد الوهاب في الإشراف: ١/ ١٨٢ (ط. ابن حزم).