ورد في الخَبَرِ والأثَر (١).
وفي هذا الحديث: إثباتُ وجودِ الملائكةِ.
ومعنى موافقة تأمين الخَلق تأمين الملائكة، فيه للعلماء خمسة أقوال:
القول الأوّل: الموافقةُ للابتداء، وهي النِّية والإخلاص، ولا قَبُولَ إلَّا بهما، وعلى هذا التّركيبِ الأعمالُ.
القولُ الثّاني: الموافقةُ في الفائدة، وهي الإجابةُ، والمعنى: من اسْتُجِيبَ له كما يُستجابُ للملائكةِ غُفِرَ له (٢) ما تقدَّمَ من ذَنْبِه.
القولُ الثّالث: من وافَقَهُ في الوقتِ حينَ (٣) يَتَوَارَدُوا (٤) عليه جميعًا، فَتَعُمُّ النّاس البركة الكائنة مع الاشتراك مع الملائكة.
القولُ الرّابع: الموافقةُ في الكيفية، وهي بأن يَدْعُو لنفسه وللمسلمين كما تفعلُ الملائكةُ؛ لأنّها تدعوا لجميع الخَلْقِ، كما أخبر الله عنهم بقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} (٥).
القولُ الخامس: أنّ يَدْعُوَ في طاعة ولا يَمْزُجُها بدنيا، فإنّها أقرب إلى الإجابة.
وقوله: "غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" فيه فائدة حَسَنَةٌ، وهو أنّه يُغْفَرُ له وإن لم يَسْألَ المغفرة؛ لأنّ الملائكة سألتها له، لقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} (٦).
تأصيلٌ:
وأمّا وقوعُ المغفرةِ للذّنوب، فإنها تكون على الوجه الّذي بيّنّاه في التّفصيلِ بين الكبائر والصّغائر في "كتابِ الوُضوء". وقيل: إنّ ذلك في الزّمان، واللهُ أعلم.
(١) روى عبد الرزاق (٢٦٤٨) عن معمر، قَال: حدَّثني مَنْ سمع عِكْرِمَة يقول: "صفوتُ أهل الأرض على
صفوف أهل السماء، فإذا وافق آمين في الأرض آمين في السماء غُفِرَ لَهُ".
(٢) جـ: "غفر الله له".
(٣) في القبس: "حتّى"
(٤) جـ: "يتراددوا".
(٥) الشُّورى: ٥.
(٦) الشُّورى: ٥.