وهذه وَهْلَةٌ وغَفْلَةٌ منهما (١). والدّليلُ على أنّه يفتقر إلى نيّةٍ: أنّه غُسْلٌ من غير نجاسةٍ، فافتقر إلى النِّية. وذلك أنّه لو اختصّ الموضع بإزالة الرّائحة لاختصّت المواضع المُوجِبَة لذلك، وبمن (٢) يتوقّع ذلك منه.

المسألة الخامسة:

من اغتسل للجمعةِ وهو ناسٍ للجنابة، لم يجزئه غسله للجمعة عن غسل الجنابة؟ فهذا (٣) قلنا: إنّه يفتقر إلى النّية، فهل ينوى به الجمعة والجنابة (٤)؟ مسألة (٥) خلاف طبوليّة. قال ابن القاسم: يُجْزِئه ذلك. والفروعُ كثيرة، أمّهاتها هذه فركّبوا عليها ما أردتم، واللهُ الموفِّق بمَنِّهِ.

المسألة السادسة (٦):

قوله (٧): "ثُمَّ رَاحَ" قال مالك: الرَّواحُ في الجُمُعةِ إنّما يكون بعد الزَّوالِ، وهو أوَّلُ التَّبكيرِ الّذي ابتدأت (٨) عليه التّجزئة المذكورة في هذا الحديث من البقرة إلى العصفور. وهي كلّها ساعات في ساعة واحدة، إذ السّاعة في العربيّة جزءٌ من الزّمان غير مُقَدَّرِ. وقال غيره: إنّما هي ساعات النّهار، لقوله عليه السّلام: "يوم الجمعة اثنا عشر ساعة" (٩) وذكر الحديث، فأَنبأنا (١٠) أنّ المراد ساعات الزّمان الّتي قسمها أهل الحساب، وهي تكون مُسْتَوِية وتكون معوجّة، على حكم تداخل اللّيل والنّهار، ولو صحّ هذا الحديث لكان أصلًا يُرْجَعُ إليه، وإنّما اعتضد (١١) مالك - رحمه الله - بقوله: "راحَ " والرَّواحُ عند العرب لا يكون إلَّا بالعَشِىِّ، وذلك من زوال الشّمس إلى آخر

(١) هذه الجملة من زيادات المؤلِّف على نصِّ الباجي.
(٢) في النسخ: "ومن" والمثبت من المنتقى.
(٣) من هنا إلى آخر قول ابن القاسم مقتبسٌ من المنتقى: ١/ ١٨٧.
(٤) م: "فهل ينوي الجمعة أنّ الجنابة"، غ، جـ: "فهل ينوي الجمعة أم الجنابة أم لا؟ " والمثبت من المنتقى.
(٥) غ، جـ: "فمسألة" والجملة من إنشاء المؤلِّف، وانظر تفسير الموطَّأ للقنازعي: الورقة ١٧.
(٦) انظر الفقرة الأولى من هذه المسألة في العارضة: ٢/ ٢٨١ - ٢٨٢.
(٧) في حديث الموطَّأ (٢٦٦) رواية يحيى.
(٨) في العارضة: "تترتّب".
(٩) لم نقف على من أخرجه.
(١٠) في العارضة: "فأنّهانا".
(١١) في النسخ: "اعتمد" والمثبت من العارضة.