وقال سلمان الفارسيّ: "إِيَّاكَ وَالتَّخَطِّي، وَاجْلِسْ حَيْثُ تبلغك الْجُمُعَة" (١)، وهذا قول عطاء، والثّوري، وأحمد بن حنبل (٢).
وكره التَّخَطِّي أبو هريرة (٣)، وكعب، وسلمان الفارسي.
وقال كعب: "لأنْ أَدَعَ الْجُمُعَةَ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ" (٤).
وقال الحسن البصري: "لا بَأسَ بالتَّخَطِّي إِذَا كَانَ في المسجِدِ فُسْحَةٌ" (٥).
قال الشّافعيّ (٦): "أَكرَهُ التَّخَطِّيَ قبل دخولِ الإمام وبعدَهُ". وروي عن أبي نضرة؛ (٧) إنّه يتخطَّى بإذنهم.
وأمّا مذهب مالكٌ، فإنّه قال (٨): "لا يُكْرَهُ التخطِّي إلَّا إذا كان الإمام على المنبر، ولا بَأسَ به قَبْل دخول الإمام إذا كان بين يديه فَرْجٌ".
ونشأت هنا مسألتان:
المسألة الأُولَى: هل للرّجل أنّ يقيم أخاه؟
قيل: قد جاء النّهيُ عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - ألَّا يُقَام الرَّجُل من مَوْضِعِه (٩)، وإن كان دونَه في العِلْمِ والمَرْتَبَةِ، إلَّا إنّ كان سَبَقَهُ إلى ذلك الموضع، فهو أحقّ منه، ويقيمه منه.
المسألة الثّانية:
إذا بسط الرّجل في الجامع سجّادة، واتَّخَذَ موضعًا، هل له أنّ يختصّ به أم لا؟
(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٥٤٨١).
(٢) في رواية عنه، انظر الشرح الكبير لابن قدامة: ٥/ ٢٨٨.
(٣) كما في مصنف عبد الرزّاق (٥٥٠٥).
(٤) أخرجه ابن أبي شبة (٥٤٨٣).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة (٥٤٧٩).
(٦) في الأمّ: ٣/ ٧٧.
(٧) في النسخ: "أبي بسرة" والمثبت من شرح ابن بطّال. وأبو نضرة هو المنذر بن مالكٌ العبدي (ت. ١٠٨) انظر تهذيب الكمال: ٧/ ٢٢٦ (ط. ١٤١٨).
(٨) بنحوه في المدوّنة: ١/ ١٤٨ في التخطِّي يوم الجمعة كما أورده ابن أبي زيد في النّوادر: ١/ ٤٧١ نقلًا عن المجموعة لابن عبوس ..
(٩) أخرجِ البخاريّ (٩١١)، ومسلم (٢١٧٧) من حديث ابن عمر، عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "لا يُقيمنَّ أحدُكُمُ الرَّجُل من مَجْلِسِهِ ثم يجلسُ فيه".