قال أبو عبد الله (١): "والأشبه (٢) عندي بقوله: "بخَمسِ وَعِشرِينَ وسَبعٍ وعِشرِينَ جُزْءًا، راجعٌ إلى أحوال المصلِّي وحال الجماعة، فإذا كانت (٣) متوافرة، وكان المصلِّي على غاية من التَّحْفُظِ هاكمال الطّهارة، كان هو الموعود بسبع وعشرين. وإذا كان على دون تلك الحال، كان هو الموعود بخمس وعشرين، والله أعلم".
الفائدة الثّانية (٤): في الكلام على الدّرجات والأجزاء
منها في حديث أبي هريرة أربعة، لقوله: لأوذلك أنَّه إذا تَوَضَّأَ، ثمَّ خَرَجَ إلى المسجدِ" (٥) لأنّ ذلك إشارة إلى تفسير المُجْمَلِ (٦) المذكور في أوَّلِ الكلام، " بقوله: "لم يَخْطُ خَطْوةً إلَّا كتبَ اللهُ له بِهَا درجةٌ، وحَطَّ عنه بها سيِّئَةٌ" وقوله: "لا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيتِهِ إلَّا الصّلاة - أي بِنيَّتِهِ - إلَّا رُفِعَت لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ" وقوله: "إذا صَلَّى، لم تزَلِ الملائكةُ تُصَلِّي عليه ما دَامَ في مُصَلِّاهُ " فهذه ثلاثة. وقولُه أيضًا: "فهو في صلاةٍ ما دَامَ في الصّلَاة" أو"مَا انتَظَرَ الصَّلاةَ" وفي حديث آخر: "لوْ يَعلَمُ النَّاسُ مَا لَهُم في النِّداءِ أَوِ الصَّفِّ الأوَّلِ" (٧) الحديث. وقوله: "تَجْتَمعُ فِيكُمْ مَلاَئِكَةُ اللَّيل وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ" (٨).
ومنها: لزومُ الخضوعِ والخُشوع في السَّيْرِ إلى المسجد، لقوله -عليه السّلام-: "ائتُوا الصَّلَاة وَعَلَيْكمُ السَّكِينَةُ وَالوَقار" (٩).
ومنها: لزومُ الذِّكْرِ في مسيره، وقوله - صلّى الله عليه وسلم - من حديث أبي سعيد الخُدرِيِّ، قال: "من قال إذا خرجَ إلى المسجدِ أو إلى الصّلاةِ: اللهُم إِنِّي أسأَلُكَ بحقِّ السَّائلينَ عليكَ، وبِحَقِّ مَمْشَايَ إليكَ، لم أَخْرُج أَشَرًا ولا بَطَرًا, ولا رِيَاءً ولا سُمعَةً، خرجتُ اتِّقَاءَ سخْطِكَ، وابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أنّ تُبعدني من النَّارِ، وأن تُدْخِلَنِي الجَنَّةَ، وأن
(١) في المعلم بفواند مسلم: ١/ ٢٩١.
(٢) في النسخ: "والاستثناء" والمثبت من المعلم.
(٣) أي الجمَاعة.
(٤) هذه الفائدة مقتبسة من شرح البخاريّ لابن بطّال: ٢/ ٢٧٢ - ٢٧٥.
(٥) أخرجه البخاريّ (٦٤٧)، ومسلم (٣٦٢).
(٦) في شرح ابن بطّال: " الجمل ".
(٧) أخرجه مالكٌ مطولًا في الموطَّأ (٣٤٦) رواية يحيى، من حديث أبي هريرة.
(٨) أخرجه البخاريّ (٦٤٨)، ومسلم (٦٤٩) من حديث أبي هريرة.
(٩) أخرجه مطوّلًا مالكٌ في الموطَّأ (١٧٥) رواية يحيى. من حديث أبي هريرة، بدون لفظ:" الوقار".