ومنها: الاعتصام من سَهوِ الشَّيطان، لقوله: "أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ" (١) ولا يجوز على الجماعة كلِّها السَّهو، فَتَمَّتْ سبعًا وعِشْرِينَ دَرَجَة.
نكتةٌ (٢):
فإن قال قائل: ما مَعْنى اختلاف الدَّرَجَة والأجزاء في الآثار" فمرَّة قال: "بخمس وعشرين" ومرة قال: "بسبع وعشرين درجة".
الجواب: أنّ الفضائل لا تُدْرك بالرَّأي، وإنّما تُدْرَك بالتَّوقيفِ، وهذا الاختلاف له معنى صحيح يُؤَيَّد بعضه بعضًا. وذلك أنَّه يحتمل أنّ يكون النّبيَّ -عليه السّلام- أَعْلَمَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أنّ فضل صلاة الجماعة على صلاة الفَذِّ بخمس وعشرين جُزْءًا، ثم زاد عَزَّ وَجَلَّ في فضل الجماعة درجتين، فَكَمُلَتْ سَبْعًا وعشرين.
وفيه وجه آخر: يحتمل أنّ تكون السَّبع والعشرون الدَّرجة للعِشَاء والصُّبح، وتكون خمس وعشرون لسائر الصلوات، والله أعلم.
٣ - الحديث الثّالث: مالكٌ (٣)، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأعْرَجِ، عن أبي هريرة؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "وَالَّذي نفسي بِيَده، لقد هَمَمْتُ أنّ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَب، ثمَّ آمُرَ بالصّلاةِ فَيُؤَذَّنَ لها، ثمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُم النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رجالٍ فَاُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُم. والَّذِي نفسي بِيَدِهِ لو يجدُ أحدُهم عَظْمًا سمينًا، أو مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ العِشَاءَ".
الإسناد:
قال الإمام هذا حديثٌ صحيحٌ خرَّجَهُ الأيمّةُ (٤) اقتداءً بمالك - رضي الله عنه -:
الفو ائد:
فيه ثلاث فوائد:
(١) أخرجه بلاغًا الإمام مالكٌ في الموطَّأ (٢٤٩) رواية يحيى.
(٢) هذه النكتة مقتبسة من شرح البخاريّ لابن بطّال: ٢/ ٢٧٢.
(٣) في الموطَّأ (٣٤٣) رواية يحيى.
(٤) كالامامين البخاريّ (٧٢٢٤)، ومسلم (٦٥١).