وإن قلنا بإمكانية نقل ابن سلام عنه دون الإشارة إليه، يعترضنا الاختلاف الذي لاحظناه بين الكتابين، فيجعل التصاريف غير كتاب الأشباه والنظائر لمقاتل.
وهنا نشير إلى ما سنذكره بعد حين حول الشبه الموجود بين التصاريف وبين تفسير يحيى الجد.
ولعل ما سنذهب إليه من ترجيح نسبه "التصاريف" إلى الجد يتأكد بهذا الشبه الموجود بين "التصاريف" وبين كتاب مقاتل.
ذلك أن مقاتل بي سليمان قد دخل البصرة وتوفي بها سنة (١٥٠/٧٦٧) وقد نشأ ابن سلام (١٢٤ - ٢٠٠/٧٤١ - ٨١٥) بالبصرة وأخذ عن عدد كبير من شيوخها. فلعله جلس إلى من جلس إليهم مقاتل فاشترك معه في السماع، ولعله جلس إلى مقاتل نفسه وأخذ عنه.
غير أنه لم يرد ذكر مقاتل فيما وقفنا عليه من تفسير ابن سلام (وهو أغلب التفسير) ، كما لم تذكر له كتب التراجم تلمذة عليه، رغم اشتهار مقاتل الواسع في ميدان التفسير. ولا ينبغي أن نذهب إلى أن ابن سلام قد أمسك عن الرواية عن مقاتل، لما اشتهر به من الكذب والآراء الكلامية المرفوضة فسوف نرى ابن سلام الجد يروي عن أمثاله كالسدي والكلبي وغيرهما.
إذن كل ما نستطيع تقديمه حول التشابه الموجود بين الكتابين هو إمكانية اشتراك ابن السلام ومقاتل في الأخذ عن شيخ واحد في موضوع كتاب "التصاريف". وربما ذكرنا كذلك بان موضوع الكتاب ذاته يدعو إلى هذا التشابه فهو يتناول علما من علوم التفسير، والتفسير في تلك الفترة يرتكز أساسا على الرواية والنقل فلا يسمح فيه بإعمال الرأي. ومن هنا اتحدت وجوه الكلمات في الكتابين الا في القليل.
وبتتبع المصادر التي تحدثت عن علوم القرآن، وكذلك بمراجعة فهارس المكتبات، عثرنا على عدد من المؤلفين في الوجوه والنظائر. وتوزعت هذه التآليف بين القرنين ٢/٨ و ١٠/١٥. فلا يكاد يخلو قرن بين هذين القرنين من كتب في هذا الفن. وقد لاحظنا أن أكثر القرون حظا بالنسبة لكتب الوجوه والنظائر هو القرن الثاني، فقد أحصينا فيه ستة مؤلفين هم: