قال الشافعي: والذي نذهب إليه في معنى الآية: أنَّ قولَ اللهِ - عز وجل -: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} يعني: الذين أمرنا بحملهم معك.
فإن قال قائل: وما دَلَّ على ما وَصَفْتَ؟
قيل: قال الله - عز وجل -: {وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} هود: ٤٠، فأعْلَمه أنه أَمره بأن يَحمل مِن أهله، مَن لم يَسبِق عليه القولُ مِن أهل مَعْصيَته، ثم بَيَّن له فقال: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} هود: ٤٦» (١).
قال الشافعي: وقال قائل: آلُ مُحَمَّدٍ، أَزْوَاجُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -.
فكأنه ذهب إلى أَنَّ الرَّجُل يقال له: ألَكَ أَهْل؟ فيقول: لا وإنما يعني: ليست لي زوجة.
قال الشافعي - رحمه الله -: «وهذا معنى يحتمله اللسَانُ، ولكنه معنى كلام لا يُعرَف، إلا أن يكونَ له سَبَبُ كَلَامٍ يَدُلُّ عليه؛ وذلك أَن يُقول الرَّجُلُ: تَزَوَّجْتَ؟ فيقال (٢): ما تَأَهَّلْتُ. فَيُعْرَف- بأول الكلام- أنه أراد: تَزَوَّجت، أو يقول الرجل: أَجْنَبْتُ مِن أَهْلِي، فَيُعرَف أن الجَنَابَة إنما تكونُ مِن الزوجة. فأما أن يبدأ رَجُلٌ فيقول: أَهْلي بِبَلَد كذا، أو أنا أزور أهلي، وأنا عَزيزُ الأهل، أو أنا كَريمُ الأهل = فإنما يذهب الناسُ في هذا إلى أهل البيت.
وذَهَبَ ذاهبُونَ إلى أنَّ آلَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، قَرَابَةُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - التي ينفرد بها دون غيرها من قرابته».
قال الشافعي - رحمه الله -: «وإذا عُدَّ آلُ الرَّجُل: ولَدُهُ الذين إليه نَسَبُهُم، ومن
(١) ينظر «السنن الكبير للبيهقي» (٣/ ٦٨٢).
(٢) في «د» (فيقول).