بعضُ أهلِ العِلم بالقرآن في قول الله - عز وجل -: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}: لا تَقْربُوا مَوضِع الصلاة.
قال: وما أَشْبَه ما قال بما قال؛ لأنه لا يكون في الصلاة عُبورُ سَبيل، إنَّما عبورُ السَّبيل في مَوضِعِها، وهو في المسجد، فلا بأس أن يَمُرَّ الجُنُبُ في المسجد مارًّا، ولا يقيم فيه؛ لقول الله - عز وجل -: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}» (١).
وبهذا الإسناد، قال الشافعي: «لا بأس أن يَبِيتَ المُشرك في كُلِّ مسجدٍ إلا المَسجِد الحَرَام؛ فإن الله - عز وجل - يقول: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} التوبة: ٢٨ فلا ينبغي لمشرك أن يدخل المسجد الحرام بحال» (٢).
(٤٦) أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، قال: قال الشافعي - رحمه الله -: «ذكر الله تعالى الأذان بالصلاة، فقال: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} المائدة: ٥٨ وقال تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} الجمعة: ٩.
فَأوْجَبَ اللهُ - عز وجل - واللَّهُ أَعْلَمُ إتيانَ الجُمُعَةَ، وسَنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان للصلوات المكتوبات. فَاحْتَمل أن يكون أَوْجَب إتيانَ صَلاة الجَمَاعة في غير الجمعة، كما أمر بإتيانِ الجُمعة، وتَرْكَ البَيْع، واحتمل أن يكون أَذَّن بها لتُصَلَّى لوقتها، وقد جَمَع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مُسافرًا ومُقيمًا، خائفًا وغيرَ خَائف.
وقال جَلَّ ثَنَاؤُهُ لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} النساء: ١٠٢ الآية، التي بعدها.
(١) «الأم» (٢/ ١١٤).
(٢) «الأم» (٢/ ١١٤).