«مُبْتَدَأُ التَّنْزيلِ، والفَرضِ عَلَى النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُم عَلى النّاس».
(١٥٨) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد ابن أبي عمرو قالا:
حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، قال: قال الشافعي - رحمه الله -: «لَمَّا بَعثَ اللهُ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - أَنزَل عليه فَرائِضَه كما شاء، لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِه، ثم أتبع كُلَّ واحد منها، فَرضًا بعد فَرض، في حِينٍ غَير حِين الفَرض قَبْلَه.
قال: ويقال واللَّهُ أَعْلَمُ إن أولَ ما أَنزل الله عليه -من كتابه-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)} العلق.
ثُم أُنزِلَ عليه بَعدهَا -لم يُؤمَر فيه بأن (١) يَدعو إليه المُشركِين- فَمَرَّت لذلك مُدَّةٌ، ثم يقال: أتاه جبريلُ - عليه السلام -، عن الله - عز وجل -: بأن يُعْلِمَهم نزولَ الوَحي عليه، ويدعوهم إلى الإيمان به، فَكَبُر ذلك عليه، وخَاف التكذيب، وأن يُتَنَاوَل، فنزل عليه: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} المائدة: ٦٧ فقال: يَعْصِمُك مِن قَتْلِهم أَن يَقْتُلوك حَتَّى تُبَلِّغ ما أُنزل إليك.
فَبَلَّغ ما أُمِر به، واسْتَهْزأ به قَومٌ، فنزل عليه: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥)} الحجر.
قال: وأَعْلَمه مَن أَعْلَمه منهُم أنَّه لا يُؤمِنُ به، فقال: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١)} الإسراء.
(١) كلمة (بأن) ليست في «د»، و «ط».