ثم قال: ولَيسَت واحِدةٌ مِن الآيَتَين ناسِخَةً للأخرى، ولا واحدٌ مِن الحَدِيثَين ناسِخًا للآخر، ولا مُخَالفًا له، ولكن إحدى الآيتين والحَديثَين مِنَ الكلام الذي مَخْرَجُه عامٌّ يُرَاد به الخَاص، ومِن الجُمَل التي يَدُلُّ عليها المُفَسَّر.
فَأَمْرُ اللهِ تَعَالى بقتالِ المُشركِين حتى يؤمنوا وَاللهُ أَعْلَمُ: أَمْرُهُ بقِتَال المشركين مِن أَهل الأوثان.
وكذلك حديثُ أبي هريرة، دون أهل الكتاب.
وفَرْضُ اللهِ قتالَ أهلِ الكِتاب حتى يُعْطُوا الجِزية عَن يَدٍ وهُم صاغرون، إن لم يُؤمِنُوا.
وكذلك حديث بُرَيْدَة (١).
فَالْفَرْضُ فيمن دان وآباؤُه دِينَ أَهلِ (٢) الأوثان مِن المشركين: أَنْ يُقَاتَلُوا -إذا قُدِر عَليهم- حتى يُسْلِمُوا، ولا يَحِلُّ أَن يُقْبَل مِنهم جِزيَة.
والفَرضُ في أهل الكتاب، ومَن دَان قبل نزول القرآن دِينَهم: أن يُقَاتَلُوا حتى يُعْطُوا الجِزيةَ، أو يُسْلِمُوا، وسواءٌ كانوا عَربًا، أو عَجَمًا.
قال الشافعي: ولله - عز وجل - كُتُبٌ نَزَلت قبل نُزول القرآن (٣). المَعرُوفُ (٤)
(١) يعني: في أهل الأوثان خاصة، كما في «اختلاف الحديث».
(٢) قوله: (دين أهل)، في «م» (أهل دين).
(٣) في «م» (الفرقان).
(٤) قوله: (المعروف)، ليس في «د»، و «ط».