المُهاجِرات، مِن أَن يُرْدَدْن إلى دَار الكُفْر، وقَطْعُ العِصْمَة-بالإسلام- بَينَهُن، وبَين أَزواجِهِنَّ، ودَلَّت السُّنة على أَنَّ قَطْعَ العِصْمَة إذا انْقَضَت عِدَدُهُنَّ، ولم يُسلِم أَزواجُهُن مِن المُشركِين.
وكان بَيِّنًا في الآية: أَن يُرَدَّ عَلى الأَزْوَاج نَفَقَاتُهُم، ومَعقُولٌ فيها أَنَّ نَفقَاتِهم -غير التي تُرَدُّ (١)
- نَفَقاتُ اللَّائِي مَلكُوا عَقْدَهُنَّ، وهي: المُهور، إذا كانوا قَد أَعطُوهُن إيَّاها.
وبَيِّنٌ أن الأزواج: الذين يُعطُون النَّفقَات؛ لأنهم المَمْنوعُون مِن نِسائِهم.
وأن نِساءَهم: المَأذُون للمُسلِمين أن يَنْكِحُوهُن -إذا آتُوهُن أُجورَهن- لأنه لا إشكال عليهم في أن يَنْكِحُوا غَيرَ ذَواتِ الأزواج، إنما كان الإشْكَالُ في نِكاح ذَوات الأَزواج، حتى قَطَع اللهُ عِصْمَةَ الأزواج بإسلام النِّساء، وبَيَّنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك: بِمُضِيِّ العِدَّةِ قبل إسلام الأزواج، فلا يُؤدِّي أَحدٌ نَفقَةً في امْرأةٍ فَاتَت، إلا ذَات الأَزْوَاج.
قال الشافعي: قال الله - عز وجل - للمسلمين: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} الممتحنة: ١٠. فَأَبَانَهُنَّ مِن المُسلِمين، وأبان رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ ذلك: بِمُضِيِّ العِدَّة.
فكان الحُكمُ في إسلام الزوج، الحُكمُ في إسلام المَرأة، لا يَخْتَلِفَان.
(١) قوله: (غير التي ترد) كذا في «م» و «د»، و «ط» ونسختين من «الأم».
وفي الطبعة البولاقية من الأم: (التي ترد)، وهو ما أثبته الشيخ الدكتور رفعت فوزي محقق الطبعة المعتمدة مِن «الأم»، وأشار في الحاشية إلى ما في النسختين الأخريين فالله أعلم.