وأَحَبُّ إِلَيَّ: أن يَكونَ آكِلُه إن أَكَل، وشَارِبُه إنْ شَرِبَ، أو جَمَعهُما = فَعلى (١) ما يَقْطَعُ (٢) عنه الخَوف، ويَبلُغ بَعض القُوة.
ولا يَبِينُ أن يَحْرُمَ عليه أَن يَشْبَع ويَرْوَى -وإِن أَجْزَأه دُونَه-؛ لأنَّ التحريم قد زال عنه (٣) بالضَّرورة.
وإذا بَلَغ الشِّبَع والرِّي، فليس له مُجَاوزَتُه؛ لأن مُجاوزَتَه حِينئَذٍ إلى الضَّرر، أَقْرَبُ منها إلى النَّفْع» (٤).
قال الشافعي: «فَمَن خَرَج سَفَرًا، عاصِيًا لله، لَم يَحِل لَه شَيءٌ مِمَّا حُرِّم عليه بحال؛ لأن اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمَّا أَحَلَّ مَا حَرَّمَ بالضَّرُورة، على شَرطِ أَن يَكونَ المُضْطرُّ غَيرَ بَاغٍ، ولا عَادٍ، ولا مُتَجَانِفٍ لإثْم.
ولو خَرَجَ عَاصِيًا، ثم تَاب، فَأَصَابته الضَّرورةُ بعد التَّوبة: رَجَوتُ أن يَسَعَهُ أَكلُ المُحَرَّمِ وشُربُه.
ولو خَرج غَيرَ عَاصٍ، ثم نَوى المَعْصِيةَ، ثم أَصابَتْهُ ضَرورةٌ، ونِيتُه المعصية: خَشِيتُ أَن لا يَسعه المُحَرَّمُ؛ لأني أَنظُرُ إلى نِيَّتِه في حال الضَّرُورَةِ، لا في حَالٍ تَقَدَّمَتْها، ولا تَأَخَرَّت عنها» (٥).
وبهذا الإسناد، قال الشافعي - رحمه الله -: «والحُجَّةُ في أَن مَا كان مُبَاحَ الأَصْلِ،
(١) قوله: (فعلى)، في «م» (فعل).
(٢) قوله: (يقطع)، في «م» (ينقطع).
(٣) قوله: (قد زال عنه)، في «م» (قدر الرغبة) وأظنه تحريف، والله أعلم.
(٤) «الأم» (٣/ ٦٥١: ٦٥٢).
(٥) «الأم» (٣/ ٦٥٣).