وأَمَر بِقتَالِهم، حتى يُعطُوا الجِزيَةَ إن لم يُسْلِمُوا، وأنزل فيهم: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} الأعراف: ١٥٧ الآية.
فقيل وَاللهُ أَعْلَمُ: أَوْزَارهم (١)، وما مُنِعُوا بما أَحْدثُوا، قَبل ما شُرِع مِن دِينِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -.
فَلم يَبْق خَلْقٌ يَعْقِلُ مُنذُ بعثَ اللهُ محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، كِتابيٌّ، ولا وَثَنِيٌّ، ولا حَيٌّ ذو رُوح (٢) مِن جِنٍّ، ولا إِنْسٍ، بَلَغَتْه دَعوةُ مُحَمدٍ - صلى الله عليه وسلم - = إلا قَامَت عليه حُجَّةُ اللهِ باتِّباع دِينِه، وكان مؤمنًا باتِّباعِه، وكافرًا بترك اتِّبَاعِه.
ولَزِمَ كُلَّ امرئٍ مِنهُم- آمَن به، أو كَفَر- تحريمُ ما حَرَّم اللهُ - عز وجل - على لِسَانِ نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - كان مُباحًا قَبْلَه، في شِيءٍ مِن المِلَل، أو غَير مُباح-.
وإحلالُ ما أَحَلَّ على لِسانِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - كان حَرامًا في شيءٍ مِن المِلَل.
وَأَحَلَّ اللهُ - عز وجل - طعامَ أهلِ الكتاب، وقد وَصَفَ ذَبائِحَهم، لم يَسْتَثْنِ منها شيئًا، فلا يَجُوزُ أَنَّ تَحِلَّ (٣) ذَبِيحةُ كِتَابِيٍّ وفي الذَّبيحَةِ حَرَامٌ -على كل مُسْلِمٍ- مِمَّا كان حُرِّم على أَهلِ الكِتاب، قَبلَ مُحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.
ولا يجوز أن يَبْقى شَيءٌ مِن شَحْمِ البَقَر والغَنَم، وكذلك لو ذَبَحها كِتابيٌّ لنفسه وأبَاحَها المُسلمَ = لم يَحْرُم على مُسلِم مِن شَحْم بَقَرٍ ولا غَنَمٍ مِنها، شَيءٌ.
(١) يعني: تفسير تتمة الآية المذكورة وهو قول الله - عز وجل -: {وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}.
(٢) قوله: (ذو روح)، في «د»، و «ط» (بروح).
(٣) كذا في الأصول، و «السنن الكبير» للبيهقي (١٩/ ٦٠٥)، و «معرفة السنن والآثار» (١٤/ ١٤٠)، وفي «الأم»: (تحرم)، والله أعلم.