وقال: {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ} المائدة: ١٠٦. فَإنَّما يَتَأَثَّمُ مِن كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ: المُسْلِمُون، لا أَهْلُ الذِّمَّةِ» (١).
قال الشافعي: «وقَد سَمِعتُ مَن يَذْكُرُ أنها مَنْسُوخَةٌ (٢) بِقَولِ اللهِ - عز وجل -: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} الطلاق: ٢ وَاللَّهُ أَعْلَمُ» (٣).
ثم جَرى في سِياق كلام الشَّافِعي - رحمه الله - أنه قال: «قلت له: إنَّما ذَكَر اللهُ هذه الآية (٤) في وَصِيَّة مُسْلِمٍ، أَفَتُجِيزُها في وَصِيَّة مُسْلِمٍ في السَّفَر؟ قال: لا.
قلتُ: أَوَ تُحَلِّفُهم إذا شَهِدُوا؟ قال: لا.
قلتُ: ولِم، وقَد تَأَوَّلتَ أَنها في وَصِيَّةِ مُسلمٍ؟ قال: لأنها مَنْسُوخَةٌ. قُلتُ: فإن نُسِخَت فِيمَا أُنْزِلَت فِيه، لِمَ تُثْبِتُها فِيما لَم تَنْزِل فِيه؟ ! » (٥).
وأجاب الشافعي - رحمه الله - عن الآيةِ بجواب آخر، على ما نَقَل عن مُقَاتِل بن حَيَّان، وغَيرِهِ في سَبب نزول الآية. وذلك فيما:
(١٩٨) أخبرنا أبو سعيد ابنُ أبي عَمرو، قال: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي: أخبرني أبو سعيد (٦) معاذُ بنُ مُوسى الجَعْفَري، عن
(١) «الأم» (٨/ ٧٧).
(٢) ينظر «الناسخ والمنسوخ» لأبي عبيد (ص ١٦٢)، و «الناسخ والمنسوخ» للنحاس (ص ٤٠٤).
(٣) «الأم» (٧/ ٣٥٨).
(٤) يعني قوله تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} المائدة: ١٠٦.
(٥) «الأم» (٧/ ٣٥٨).
(٦) قوله: (أبو سعيد)، في «م»، و «ط» (أبو سعد) والمثبت من «د»، و «الأم»، وقد ذكره الدارقطني -في ذكر الشيوخ الذين حدث عنهم الإمام الشافعي- كما في «مناقب = ... = الشافعي» للبيهقي (٢/ ٣١٤) فقال: وأبو سعد معاذ بن موسى، خرساني. اهـ
وسكت عنه الحافظ في «تعجيل المنفعة» (٢/ ٢٦٩).