إنما يُكَاتِبُه لِمَا يُفِيدُ العَبدُ بَعد الكِتَابَة، لأنه حِينَئِذٍ، يُمْنَع ما أَفَادَ العَبْدُ لأَدَاءِ الكِتابَةِ.
ولَعَلَّ مَن ذَهَب إِلى أَنَّ الخَيْرَ: المَالُ، أنه أَفَاد بِكَسْبِه مَالًا للسَّيد، فَيَسْتَدِلُّ عَلى أَنه يُفِيدُ مالًا يَعْتِقُ (١) به، كما أَفَاد أَوَّلًا.
قال الشافعيُّ: وإذَا جَمَع القُوَّةَ على الاكْتِسَاب، والأمانة، فَأَحَبُّ إليَّ لِسَيِّده أَن يُكَاتِبَه، ولا يَبِيْنُ لي أن يُجْبَرَ عَليه؛ لأنَّ الآيةَ مُحْتَمِلَةٌ أَن يَكُونَ إِرْشَادًا، وإبَاحَةً.
وقَد ذَهَبَ هذا المَذْهَبَ، عَدَدٌ مِمَّن لَقِيتُ مِن أَهل العِلم» (٢).
وبَسَط الكَلامَ فيه وَاحْتَجَّ -في جُملَة ما ذكر- بأنه لو كان واجِبًا، لكان مَحدُودًا بِأَقَل ما يَقَعُ عَليه اسْمُ الكِتَابة، أو بِغَايةٍ مَعلُومَة.
(٢٠٥) أخبرنا أبو سَعِيدٍ، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعيُّ: «أخبرنا الثِّقَةُ، عن أيوبَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَر: أنه كَاتَبَ عَبدًا له بِخَمْسَةٍ وثلاثين ألفًا، وَوَضَع عنه خَمْسةَ آلاف (٣).
أَحْسَبُه قال: مِن آخِر نُجُومِه (٤).
(١) في «م» (غير مقروءة).
(٢) «الأم» (٩/ ٣٤٣ - ٣٤٤).
(٣) أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (٢١/ ٤٨٠) من طريق الشافعي، به. ومن طريق عمرو بن زرارة، عن إسماعيل بن علية، عن أيوب، به.
(٤) والمكاتبةُ: لفظةٌ وُضِعَت لِعِتقٍ على مال مُنَجَّم -أي مُفَرَّق- إلى أوقات معلومة، يَحِلُّ كل نَجم لوقته المعلوم. ينظر «الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي» للأزهري (ص: ٢٨٢).