الطَّاعَةِ = أَشْفَى وَأَكْفَى في البَيان وأَبْلَغُ في الإِعْذَارِ، لذلك سأل موسى ربه (١)، فقال: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨)} طه.
وقال: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} القصص: ٣٤. لَمَّا عَلِمَ أَنَّ الفَصَاحَة أَبْلَغُ في البَيَان».
(٢١٠) أخبرنا أبو عبد الرَّحمَن السُّلَمِيُّ، قال: سمعتُ عَليَّ بنَ أَبي عَمْرٍو البَلْخِيَّ، يقول: سَمعتُ عبدَ المُنْعِم بنَ عُمَر الأَصْفَهَاني (٢)، حدثنا أحمدُ بنُ مُحمدٍ المَكِّيُّ، حدثنا محمدُ بنُ إسماعِيلَ، والحُسَينُ بنُ يَزيدَ (٣)، والزَّعْفَرَانِيُّ، وأبو ثَوْرٍ كُلُّهم قالوا: سَمِعْنَا محمدَ بنَ إدْرِيسٍ الشَّافعيَّ، يقول: «نَزَّهَ اللهُ - عز وجل - نَبِيَّه - صلى الله عليه وسلم -، ورَفَع قَدْرَه، وعَلَّمَه وَأَدَّبَه وقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} الفرقان: ٥٨.
وذلك: أَنَّ النَّاسَ في أَحوالٍ شَتَّى: مُتَوَكِّلٌ على نَفْسِه، أو: عَلى مَالِه، أو: على زَرْعِهِ، أو: عَلَى سُلْطَانٍ، أو: عَلى عَطِيَّةِ النَّاسِ.
وكُلٌّ مُسْتَنِدٌ إلى حَيٍّ يَمُوت، أو عَلَى شَيءٍ يَفْنَى: يُوشِكُ أَن يَنْقَطِع به، فَنَزَّه اللهُ تَعَالى نَبِيَّه - صلى الله عليه وسلم - وأَمَرَه أَنْ يَتَوَكَّلَ عَلى الحَيِّ الذي لا يَمُوتُ.
قال الشافعي: واسْتَنْبَطتُ البَارِحَةَ آيَتَيْن ما (٤) أشتهي باسْتِنْبَاطِهِمَا، الدُّنيا
(١) في «د»، و «ط»: (كذلك موسى ربه).
(٢) في «م» (الأصبهاني)، ذكره أبو نعيم في «ذكر أخبار أصبهان» (١٢١٤)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
(٣) أظنه: الحسين بن علي بن يزيد أبو علي الكرابيسي، فقيه بغداد، كان من بحور العلم تفقه بالشافعي، توفي سنة ٢٤٥ هـ تقريبا. ينظر «تاريخ بغداد» (٨/ ٦١١)، و «سير أعلام النبلاء» (١٢/ ٧٩).
(٤) في «د»، و «ط»: (مما).