يكن فِيمَا تَنَازعُوا فيه قَضَاءٌ -نَصًّا فِيهِما ولا في وَاحِدٍ منهما- رَدُّوه قِياسًا على أحدهما (١).
وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} النساء: ٦٥ الآية.
قال الشافعيُّ: «نزلت هذه الآية فيما بَلَغنا واللَّهُ أَعْلَمُ في رَجل خَاصَم الزُّبيرَ - رضي الله عنه - في أَرْضٍ، فَقَضى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بها للزُّبَيرِ - رضي الله عنه -، وهذا القضاء سُنَّةٌ مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، لا حُكْمٌ مَنصوصٌ في القرآن» (٢).
وقال - عز وجل -: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} النور: ٤٨ والآيات بعدها، فَأعلَمَ اللهُ الناسَ أنَّ دُعاءَهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِيحكُم بينهم، دُعاءٌ إلى حُكْم اللهِ، وإذا سَلَّمُوا لحكم النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنما سَلَّمُوا لِفرضِ الله، وبسط الكلام فيه.
قال الشافعيُّ - رحمه الله -: «وشَهِدَ له جَلَّ ثَنَاؤُهُ باسْتِمسَاكِه بما أَمَرهُ به، والهُدَى في نفسه، وهِدَايةِ مَن اتَّبعه، فقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} الشورى، وذكر معها غيرها.
ثم قال في شَهَادته له: إنه يَهدِي إلى صِراطٍ مُستقيم، صِراطِ الله.
(١) «الرسالة» (ص: ٨٠ - ٨١).
(٢) «الرسالة» (ص: ٨٢ - ٨٣)، وقصة الزبير مع صاحبه وقضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - له: أخرجها البخاري (٢٣٥٩)، ومسلم (٢٣٥٧) من حديث عبد الله بن الزبير.