متى ما أشأ غير زهو الملو ... ك أجعلك رهطا على حيّض
وأكحلك بالصّاب أو بالجلا ... ففقّح لكحلك أو غمّض
وأسعطك في الأنف ماء الآباء ... ممّا يثمّل بالمخوض
جهلت سعوطك: حتى ظننت ... بأن قد أرضت، ولم تؤرض
والرّهط: جلد تلبسه المرأة أيام الحيض.
والصاب: شجر له لبن يحرق العين.
والجلا: كحل يحكّ على حجر ثم يكتحل به.
والأباء: القصب، وماؤه شرّ المياه.
ويقال: الأباء هاهنا: الماء الذي تشرب منه الأروى، فتبول فيه وتدمّنه. ويثمّل:
ينقع.
وهذه أمثال ضربها لما يهجوه به.
وقال آخر «١» :
سأكسوكما يا ابني يزيد بن جعثم ... رداءين من قار ومن قطران
في أشباه لهذا كثيرة.
وهذه الآية «٢» نزلت في الوليد بن المغيرة، ولا نعلم أن الله عزّ وجل وصف أحدا وصفه له، ولا بلغ من ذكر عيوبه ما بلغه من ذكرها منه لأنه وصفه بالخلف، والمهانة، والعيب للناس، والمشي بالنّمائم، والبخل، والظلم، والإثم، والجفاء، والدّعوة.
فألحق به عارا لا يفارقه في الدنيا ولا في الآخرة، كالوسم على الخرطوم، وأبين ما يكون الوسم في الوجه.
ومما يشهد لهذا المذهب، ما رواه سفيان، عن زكريا، عن الشّعبي في قوله تعالى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) القلم: ١٣ أنه قال: العتلّ: الشديد. والزّنيم: الذي له زنمة من الشّرّ يعرف بها، كما تعرف الشاة بالزّنمة.
أراد الشّعبي: أنه قد لحقته سبّة من الدّعوة عرف بها كزنمة الشّاة.
(١) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الشعر والشعراء ١/ ١٥٦، والمعاني الكبير ٢/ ٧٩٩، ١١٧٥.
(٢) يشير إلى الآية: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ.