لا يحسن التّعريض إلّا ثلبا وقد جعله الله في خطبة النساء في عدّتهنّ جائزا فقال: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ البقرة: ٢٣٥ ولم يجز التصريح.
والتعريض في الخطبة: أن يقول الرجل للمرأة: والله إنك لجميلة، ولعل الله أن يرزقك بعلا صالحا، وإن النساء لمن حاجتني، هذا وأشباهه من الكلام.
وروى بعض أصحاب اللغة أن قوما من الأعراب خرجوا يمتارون فلما صدروا خالف رجل في بعض الليل إلى عكم «١» صاحبه فأخذ منه برّا وجعله في عكمه، فلما أراد الرحلة قاما يتعاكمان فرأى عكمه يشول وعكم صاحبه يثقل، فأنشأ يقول «٢» :
عكم تغشّى بعض أعكام القوم ... لم أر عكما سارقا قبل اليوم
فخوّن صاحبه بوجه هو ألطف من التصريح.
وروي في بعض الحديث: أن رجلا كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، من مغزّى كان فيه «٣» :
ألا أبلغ أبا حفص رسولا ... فدىّ لك- من أخي ثقة- إزاري
قلائصنا هداك الله إنا ... شغلنا عنكم زمن الحصار
فما قلص وجدن معقّلات ... قفا سلع بمختلف النّجار
يعقّلهنّ جعد شيظميّ ... وبئس معقّل الذّود الظّؤار
(١) العكم: المتاع ما دام فيه المتاع، والعكمان: عدلان يشدان على جانبي الهودج.
(٢) الرجز لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(٣) الأبيات من الوافر، والبيت الأول لبقيلة الأكبر الأشجعي، وكنيته أبو المنهال، في لسان العرب (أزر) ، والمؤتلف والمختلف ص ٦٣، وعجزه في لسان العرب (أزر) ، منسوبا إلى جعدة بن عبد الله السلمي، وبلا نسبة في شرح اختيارات المفضل ص ٢٥٠، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٦٢، ولسان العرب (قلص) .
والبيت الثاني لأبي المنهال الأشجعي في لسان العرب (أزر) ، وتاج العروس (قلص) ، وبلا نسبة في لسان العرب (قلص) .
والبيت الثالث بلا نسبة في تهذيب اللغة ٨/ ٣٦٩، والبيت الرابع لبقيلة الأكبر (أبي المنهال) في لسان العرب (أزر) ، (وفيه «الخيار» بدل: «الظؤار» ، وكذلك في مادة (شظم)) ، (ظأر) ، (عقل) ، (شظم) ، وتاج العروس (عقل) ، وبلا نسبة في لسان العرب (قلص) ، وتهذيب اللغة ٨/ ٣٦٩، ١٤/ ٣٩٣، وكتاب العين ٨/ ١٦٨، وتاج العروس (شظم) ، وفيه أنه ورد في حديث عمر بن الخطاب.