التي بحثت في مشكل القرآن الكريم، والشكوك التي تثار حوله، والمطاعن التي تسدد نحوه.
يقول ابن قتيبة: «قد اعترض كتاب الله بالطعن ملحدون، ولغوا فيه وهجروا، واتبعوا ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ بأفهام كليلة، وأبصار عليلة، ونظر مدخول، فحرّفوا الكلام عن مواضعه، وعدلوه عن سبله، ثم قضوا عليه بالتناقض، والاستحالة في اللحن، وفساد النظم، والاختلاف، وأدلوا في ذلك بعلل ربما أمالت الضعيف الغمر، والحدث الغر، واعترضت بالشبه في القلوب، وقدحت بالشكوك في الصدور ... فأحببت أن أنضح عن كتاب الله، وأرمي من ورائه بالحجج النيرة، والبراهين البينة، وأكشف للناس ما يلبسون، فألّفت هذا الكتاب جامعا لتأويل مشكل القرآن، مستنبطا ذلك من التفسير بزيادة في الشرح والإيضاح، وحاملا ما أعلم فيه مقالا لإمام مطلع على لغات العرب، لأري المعاند موضع المجاز، وطريق الإمكان، من غير أن أحكم فيه برأي، أو أقضي عليه بتأويل، ولم يجز لي أن أنص بالإسناد إلى من له أصل التفسير، إذ كنت لم أقتصر على وحي القوم حتى كشفته. وعلى إيمائهم حتى أوضحته، وزدت في الألفاظ ونقصت، وقدّمت وأخّرت، وضربت لذلك الأمثال والأشكال، حتى يستوي في فهمه السامعون» .
أما عملنا في هذا الكتاب فهو:
أولا: وضع ترجمة وافية للمؤلف.
ثانيا: حرصنا بقدر الطاقة على تنقية النص من الأخطاء المطبعية.
ثالثا: شرحنا في حواشي الكتاب ما في متنه من غريب اللغة أو صعب المتناول منها، وذلك استنادا إلى المعاجم اللغوية المشهورة.
رابعا: وضعنا في حواشي الكتاب تعريفا وافيا- مع ذكر المراجع- لجميع الأعلام، وما أهملناه من ذلك إما معروف مشهور، ولم نجد ضرورة لنافل القول فيه، وإما لم نهتد إليه فيما بين أيدينا من المصادر والمراجع. وقد أشرنا إلى ذلك أيضا.
خامسا: خرّجنا جميع الأحاديث النبوية والآثار تخريجا وافيا، وضبطنا نص الحديث استنادا إلى كتب الحديث المعتبرة.
سادسا: خرّجنا جميع الشواهد الشعرية في مظانها.