بحبل إِلَى السَّماءِ، يعني سقف البيت، وكلّ شيء علاك وأظلّك فهو سماء، والسحاب: سماء، يقول الله تعالى: وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ق: ٩ ، وقال سلامة بن جندل يذكر قتل كسرى النعمان «١» :
هو المدخل النعمان بيتا سماؤه ... نحور الفيول بعد بيت مسردق
يعني: سقفه، وذلك أنّه أدخله بيتا فيه فيلة فتوطّأته حتى قتلته.
وقوله: ثُمَّ لْيَقْطَعْ. قال المفسرون أي: ليختنق فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ هل يذهب ذلك ما في قلبه؟ وهذا كرجل وعدته شيئا مرة بعد مرة، ووكّدت على نفسك الوعد، وهو يراجعك في ذلك، ولا تسكن نفسه إلى قولك، فتقول له: إن كنت لا تثق بما أقوله، فاذهب فاختنق. تريد: اجهد جهدك.
هذا معنى قول المفسرين.
وفيه وجه آخر على طريق الإمكان، وهو أن تكون السماء هاهنا: السماء بعينها لا السقف، كأنه قال: فليمدد بسبب إليها أي بحبل، وليرتق فيه، ثم ليقطع حتى يخرّ فيهلك، أي: ليفعل هذا إن بلغه جهده، فلينظر هل ينفعه. ومثله قوله لرسول الله، صلّى الله عليه وسلم- حين سأله المشركون أن يأتيهم بآية ولم يشأ الله أن يأتيهم بها، فشقّ ذلك عليه-:
وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٥) الأنعام:
٣٥ يريد: اجهد إن بلغ هذا جهدك.
وروى ابن عيينة عن ابن أبي نجيح، عن كردم: أنّ رجلا سأل أبا هريرة، وابن عمر، وابن عباس، عن رجل قتل مؤمنا متعمدا، هل له توبة؟ فكلهم قال: هل يستطيع أن يحييه؟ هل يستطيع أن يبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء؟.
يريدون: أنه لا توبة له، كما أن هذا لا يكون.
وقال أبو عبيدة: مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ أي: يرزقه الله. وذهب إلى
(١) يروى عجز البيت بلفظ:
صدور الفيول بعد بيت مسردق والبيت من الطويل، وهو لسلامة بن جندل في ديوانه ص ١٨٢، ولسان العرب (سردق) ، وجمهرة اللغة ص ١١٤٦، وتاج العروس (سردق) ، والأصمعيات ص ١٣٧، وللأعشى في تهذيب اللغة ٩/ ٣٩٤، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في المخصص ٦/ ٧، وكتاب العين ٥/ ٢٥١.