وما زال شربي الرّاح حتّى أشرّني ... صديقي وحتّى ساءني بعض ذلك
وتوهّم أن قوله: أشرّني، نسبني إلى الشرّ.
وليس ذاك كما تأوّل، وإنما أراد شهرني وأذاع خبري، من قولك: أشررت الأقط وشرّرته، إذا بسطته على شيء ليجف. وقال الشاعر وذكر يوم صفّين «١» :
وحتى أشرّت بالأكف المصاحف يريد: شهرت وأظهرت.
وروى عبد الله بن محمد بن أسماء، عن جويرية، قال: كنت عند قتادة فسئل عن القدر، فقال: ما زالت العرب تثبت القدر في الجاهلية والإسلام.
وحدثني أبو حاتم «٢» : سهل بن محمد، عن الأصمعي «٣» قال: قلت لدرواس الأعرابيّ: ما جعل بني فلان أشرف من بني فلان؟ قال: الكتاب. يعني (القدر) ، ولم يقل: المكارم والفعال.
وكان الأصمعي ينشد من الشعر أبياتا في القدر ذكرتها وغيرها:
قال: أنشدني عيسى بن عمر لبدويّ «٤» :
كلّ شيء حتى أخيك متاع ... وبقدر تفرّق واجتماع
وقال المرّار بن سعيد الأسديّ «٥» :
ومن سابق الأقدار إذ دأبت به ... ومن نائل شيئا إذا لم يقدّر؟
(١) صدر البيت:
فما برحوا حتى رأى الله صبرهم والبيت من الطويل، وهو لكعب بن جعيل في لسان العرب (شرر) ، والتنبيه والإيضاح ٢/ ١٣٩، وديوان الأدب ٣/ ١٥٧، وجمهرة اللغة ص ٧٣٦، ولكعب بن جعيل أو للحصين بن حمام المري في تاج العروس (شرر) ، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٣/ ١٨١، والمخصص ١٣/ ٥٦، وتهذيب اللغة ١١/ ٢٧٤.
(٢) أبو حاتم: هو أبو حاتم السجستاني، سهل بن محمد بن عثمان بن يزيد الجشمي الإمام، توفي سنة ٢٥٠ هـ، وقيل: سنة ٢٤٨ هـ، تقدمت ترجمته الوافية مع ذكر مؤلفاته.
(٣) الأصمعي: هو عبد الملك بن قريب، تقدمت ترجمته.
(٤) البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في لسان العرب (قدر) ، وتاج العروس (قدر) .
(٥) البيت من الطويل، وهو في ديوان المرار بن سعيد الفقعسي ص ٤٥٢.