لأن الأولياء كانوا في الجاهلية لا يعطون النساء من مهورهن شيئا. وكانوا يقولون لمن ولدت له بنت: هنيئًا لك النَّافِجةُ. يريدون أنه يأخذ مهرها إبلا فيضمها إلى إبله. فَتُنْفِجُها. أي تعظِّمُها وتُكَثِّرُها. ولذلك قالت إحدى النساء في زوجها:
* لا يأخذ الحُلْوَانَ مِنْ بَنَاتِيَا * (١)
تقول: لا يفعل ما يفعله غيره. والحلوان هاهنا: المهور.
وأصل النِّحْلة العطية. يقال: نَحَلْتُه نحلة حسنة. أي أعطيته عطية حسنة. والنحلة لا تكون إلا عن طيب نفس. فأما ما أخذ بالحكم فلا يقال له نحلة.
* * *
٥- {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} أي: لا تعطوا الجهلاء أموالكم، والسفه الجهل. وأراد هاهنا النساء والصبيان (٢) .
{قِيَامًا} وقِوَامًا بمنزلة واحدة. يقال: هذا قوام أمرك وقيامهُ أي: ما يقوم به أمرك.
٦- {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} أي: اختبروهم.
{حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} أي: بلغوا أن ينكحوا النساء.
{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} أي: علمتم وتبينتم. وأصل آنست: أبصرت.
{وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} أي: تأكلوها مُبَادَرَة أن يكْبروا فيأخذوها منكم.
(١) أمالي القالي ٢/٢٧٦ وفي اللسان ١٨/٢١٠ "بناتيًا".
(٢) قال الطبري ٧/٥٦٥ "والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا، أن الله عم بقوله: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) ، فلم يخصص سفيها دون سفيه. فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيها ماله، صبيا صغيرا كان أو رجلا كبيرا، ذكرا كان أو أنثى".