ثم قال: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} أي: الحساب الصحيح والعدد المستوي. والأربعة الحرم: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب. ورجب الشهر الأصم.
وقال قوم: هي الأربعة الأشهر التي أجَّلَهَا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المشركين فقال: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم. واحتجوا بقوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (١) وأنكروا أن يكون رجب منها. وكانت العرب تعظم رجب وتسمّيه مُنْصِلَ الأَسِنَّة ومُنصلَ الأَلِّ؛ لأنهم كانوا ينزعون الأسنة فيه والأَلَّ وهي الحراب (٢) . ويسمونه أيضا: شهر الله الأصم؛ لأنهم كانوا لا يحاربون فيه لأنه محرم عليه. ولا يسمع فيه تداعي القبائل أو قعقعة السلاح. قال الأعشى:
تَدَارَكَهُ في مُنْصِل الأَلِّ بعْدَمَا ... مَضَى غير دَأْدَاءٍ وقد كادَ يَذْهَبُ (٣)
وقال حُمَيْدُ بْنُ ثَوْر يصف إبلا:
رَعَيْنَا المُرَارَ الجَوْنَ مِنْ كُلِّ مِذْنَبٍ ... شهورَ جُمَادَى كلها والمُحَرَّما (٤)
(١) سورة التوبة ٥.
(٢) في اللسان ١٣/٢٤ "الأل بالفتح: جمع ألة وهي الحربة في نصلها عرض".
(٣) ديوانه ١٣٨ واللسان ١/٦٣، ١٣/٢٤، ١٤/١٨٧ وطبقات فحول الشعراء ٦٢. والدأداء: الليلة التي تكون في آخر الشهر فيشك فيها. قال الأزهري: "أراد أنه تداركه في آخر ليلة من ليالي رجب".
(٤) ديوانه ٩ واللسان ١٥/١١ وفي اللسان ٧/١٣ "المرار: شجر مر إذا أكلته الإبل قلصت عنه مشافرها" وفيه ١٦/٢٥٤ "الجون: النبات الذي يضرب إلى السواد من شدة خضرته" وفيه ١/٣٧٦ "المذنب مسيل الماء" وفي ديوانه "يعنى أنها رعت ستة أشهر أولها المحرم وآخرها جمادى حتى سمنت".