١٧- {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} أي لنختبرَهم، فنعلم كيف شكرُهم.
{يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} أي عذابًا شاقًّا. يقال: تصعّدني الأمر؛ إذا شق عليّ.
ومنه قول عمرَ: "ما تَصَعَّدَنِي شيءٌ ما تصعَّدَتْنِي (١) خِطْبَةُ النِّكاح".
ومنه قوله: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (٢) أي عقبةً شاقةً.
ونرى (٣) أصلَ هذا كلِّه من "الصُّعود": لأنه شاقٌّ؛ فكُنِّي به عن المشقات.
١٨- {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} أي السُّجود لله. هو جمع "مَسجَد"؛ يقال: سجدت سجودًا ومَسجَدًا؛ كما يقال: ضربت في البلاد ضربًا ومَضرَبًا. ثم يجمع فيقال: المساجدُ لله. كما يقال: المضاربُ في الأرض لطلب الرزق (٤) .
١٩- {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} أي لما قام النبي-صلى الله عليه وسلم- يدعو إليه (٥) .
{كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} أي يَلْبُدون به ويَتَراكبُون : (٦) رغبةً في القرآن، وشهوةً لاستماعه.
وهو جمع "لِبْدَة"؛ يقال: غَشِيَتْه لِبدةٌ من الحِرَام (٧) أي قطعةٌ لَبَدتْ به.
(١) كذا في القرطبي ١٩/ ١٨، والكشاف ٢/ ٤٩٥، والفخر ٨/ ٢٤٣، والنهاية ٢/٢٦٣، واللسان ٤/٢٣٩. وفي الأصل: "تصعدني". وذكر قول عمر في البحر ٨/ ٣٥٢ باختلاف.
(٢) سورة المدثر ١٧، وانظر المشكل ٣٣٥، والفخر ٨/ ٢٤٤، واللسان ٤/ ٢٣٨.
(٣) بالأصل: "ويروى"! والذي في النهاية واللسان أن كلام عمر من "الصعود" بالفتح: العقبة الشاقة. وانظر كلام أبي عبيدة المذكور في القرطبي ١٩/ ١٩، وما روي عن ابن عباس فيه وفي الفخر.
(٤) ذكر في المشكل ٣٣٥ مختصرا. وحكي كذلك في القرطبي ١٩/ ٢٠، والبحر ٨/ ٣٥٢، والكشاف ٢/ ٤٩٥. ورواه الفخر ٨/ ٢٤٤ عن الحسن.
(٥) أي إلى الله كما قال ابن جريج. على ما في القرطبي ١٩/ ٢٢. وفي المشكل ٢٣٥: "يدعو الله"؛ أي يعبده وحده. على ما في القرطبي والفخر ٨/ ٢٤٤-٢٤٥.
(٦) كما في المشكل. أي يركب بعضهم بعضا، كما قال القرطبي والأزهري على ما في اللسان ٤/٣٩٢. وقال الضحاك -كما في القرطبي والطبري ٢٩/ ٧٤-: " ... يركبونه ... ".
(٧) كذا بالأصل غير مضبوط. والظاهر أن المراد منه الشياه، أي صوفها. واحدتها: "حرمي" بفتح فسكون. على ما في اللسان ١٥/١٥-١٦. وعبارة القرطين: "الجن"!.